لاشك ان الجريمة بضررها لا تقتصر على من تقع عليه بل تشمل كافة إفراد المجتمع فان مسؤولية محاربتها و التصدي لها والحد منها لم تعد مقتصرة على الأجهزة المختصة وحدها بل مسؤولية كل فرد لان له مصلحة في ذلك و تأسيسا على ذلك ينبغي على الشاهد الذي لديه معلومات عن الجريمة أو فاعلها ان لا يتوانى عن تقديم المعلومات المفيدة إلى الجهات المختصة سواء طلب منه ذلك ام من تلقاء نفسه ليساهم في الكشف عن الجريمة ومساعدة أجهزة العدالة حتى تتمكن من أداء رسالتها وان الشاهد في أدائه للشهادة ينازعه أمران الأول النزاهة بأداء الشهادة وتقرير الحقيقة استنادا لما يمليه عليه واجبة الأخلاقي والديني والقانوني إما الأمر الثاني يتعلق بما تحدثه به نفسه ان ينأى بها عن أي خلاف قد يعرضها للأذى و من المؤكد ان غلبة الأمر الثاني لدى الشاهد و سطوة الشعور لدية بعدم الأمان و احتمال تعرضه للخطر قد يدفعه للتهرب من الإدلاء بها على غير حقيقتها أو على نحو يفرغها من غرضها و هو التوصل لملابسات ارتكاب الجريمة و الكشف عن شخصية مرتكبها و بالنظر لمكانة الشاهد في نطاق الإثبات الجنائي والمدني فقد سعت بعض الدول إلى إضفاء الحماية للشاهد بما يمكنه من أداء الشهادة بدون خوف أو تردد أو ضغوط و ان هذه الحماية أصبحت تمثل أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الجنائية المعاصرة لما فيها من فائدة مرجوة لمرفق العدالة وان قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 المعدل فقد جاء خاليا من الإشارة إلى حماية الشهود من الانتقام أو التهديد أو عنف الجناة إلا انه تضمن بعض الضمانات منها التفريق في الشهادة و لا يجوز توجيه أسئلة غير متعلقة بالدعوى أو أسئلة فيها مساس بالغير و لا توجيه كلام للشاهد تصريحا أو تلميحا أو توجيه إشارة مما ينبني عليه تخويفه وان هذه الضمانات التي نص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية الهدف منها توفير جو من الطمانينه والشعور بالأمان للشاهد وهو يقف إمام ساحة القضاء ليدلي بأقوال تساعد في الكشف عن الجريمة و القبض على مرتكبيها إلا ان هذه الضمانات غير كافية بالنسبة للشاهد نظرا لما يمكن ان يتعرض له من ضغط أو تهديد قد يصل إلى حد القتل لمنعه من أداء الشهادة أو الإدلاء بشهادة الزور كما تضمن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا توفير حماية للشهود وأسس وحدة حماية الضحايا والشهود و بغية تامين الحماية اللازمة للشهود و المخبرين و المجني عليهم والخبراء و لعوائلهم و لضمان سلامة تقديم الأدلة و المحافظة عليها و الكشف عن الجرائم والحيلولة دون العزوف عن تقديمها وانسجاما مع متطلبات الاتفاقيات الدولية والمصادق عليها من قبل جمهورية العراق اصدر المشرع العراقي قانون حماية الشهود والخبراء والمخبرين و المجني عليهم رقم (58) لسنة 2017حيث ان للمشمول بأحكام هذا القانون ان يطلب وضعة تحت الحماية المنصوص عليها في هذا القانون اذا كان هناك خطر على حياته أو سلامته الجسدية أو مصالحه الأساسية أو حياة إفراد أسرته أو أقاربه اذا ما أدلى بشهادته أو خبرته في دعوى جزائية أو دعوى إرهابية تمس امن الدولة وحياة المواطن ولقاضي التحقيق فرض أي من أوجه الحماية ومنها تغيير البيانات الشخصية مع الاحتفاظ بالأصول و مراقبة الهاتف وتغيير الصوت أو إخفاء ملامح الوجه ووضع الحراسة على المشمول بالحماية أو مسكنه وتغيير مكان العمل ووضع رقم هاتف خاص بالشرطة أو الجهات الأمنية الأخرى وتوفير مكان إقامة مؤقت وتامين الحماية إثناء الانتقال من والى المحكمة ونجد من الضروري تفعيل قسم حماية الشهود والخبراء والمخبرين والمجني عليهم بما يؤمن توفير الحماية للشهود .

{ قاضي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *