لن يجدي السؤال شيئا يا صديقتي، ولن ترأف خيمة بطفلٍ اشتاق لمدرستة؟
ثم من أين لخيمة أن ترأف؟
أليست ذات الخيمة تسبَّبت بموت الكثير من الأطفال صقيعًا؟ لم تمتلك يومًا قوة الحجارة لِتحجز البرد وتصدَّه عن الأجساد المرتجفة، ولن تمتلك!
هكذا هي الحروب، تُشوِّه كل جميل، وتقتل كل حياة.
وإن طالت سيكون الحصاد أكبر!!
وبالفعل هو أكبر وأكبر وأكبر، ولا زال يكبر باستمرارٍ مميت!
أذكر حينها كم كان الوجع كبيرًا، ولا زال!
كم كان الحِمل ثقيلًا، ولا زال!
كما وأذكر الساعات التي حدثتُكِ بها عن القهر الذي يقف كالشوكة في حلقي، “ولا زال!”، واستماعِكِ لي باهتمامٍ عميق ومن ثمَّ مواساتي بكلماتٍ رقيقةٍ وحكاياتٍ فيها من الأمل ما كان يملؤني بالحياة بعد أن كِدتُ أموت!
تمسكتُ بالوهم بكلِّ ما أملك من قوةٍ، بل وتشبثتُ به بكامل قوتي.
اعتقدنا وبكامل براءتنا أن الحرب لن تستمر أكثر من عام أو اثنين!
لكنها الآن تعدَّت العشرة أعوام بعامين!
أليس من الظلمِ أن يتفوق خبثُ الحرب وحقارتها على براءتنا؟
أليس من الظلم أن يصبح الصوتُ الصارخ بالإرادة والرغبة بالخلاص، صوتًا لا اكتراث له؟
أليس مُعيبًا أن تصبح المجازر والقذائف والدمار والأجساد الملوثة دمًا، والجثث الميتة اختناقًا منظرًا اعتياديًّا تعرضه شاشات التلفاز وتُشاهدُ بلا اكتراثٍ أو أمل؟
ياسمين الشامِ ماعاد نقيًّا شهيًّا كما كان، ولا حتى شوارعها وطرقاتها، لم تعد بديعة ساحرة!
سكن الخوف أرجاءها، وصار الموت يتلصص على من بقي من خلف النوافذ المكسورة، والركام المتراكم هنا وهناك!
لم يعد الوطن وطنًا ياصديقتي!
لم يعد الوطن وطنًا، وما عاد لقلبي قدرة على تحمل كل هذا العبء والألم!
أصابني اليأس بعد كل ما رأيته وأراه من واقعٍ يلتحف السُّخف والحماقة، واقعٍ يُصفق ويحتضن من زرع كل هذا الظلام وابتسم يحمل شعلة نورٍ لا تكاد تضيء نفسها، وبكل فخر يقرر أنها ستكفي البلد!

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *