الثقافة بمــفهومها الواسع ,هي مجموعة الأسئلة المعرفية التي تكمن فيها الإجابة ويكشف عنها المبدع من خلال الدراسة والإجتهادات التأملية والبحث في مجالات الأدب والفن والجمال والتراث والعلم تلك المعارف الجامعة تتجاذب وتتنافر حســـب الأفكار و الرؤى التي يحاول فيها المبدع المثقف أن يعطي خبرته الثقافية عبر التجارب الحياتية كي يستطيع أن يقدم نتاجه عبر الأجناس الأدبية المتعددة وتكون هذه التجارب عرضة للنقد و التحليل وهذا ما يستوجب الكشف عن الأبعاد الحقيقية للإبداع.

وإذا كان هذا التعريف الذي نريد فيه التوضيح فحري بنا أن نسلط الضوء على مجمل الثقافات التي سادت الشعوب و الأُمم ,بدءاً بالحضارات وما تركته من الكتابات القديمة والأساطير والرسوم و الخطوط والأرقام والحروف وإنتهاءً بالعلوم و الفنون الحديثة و غيرها من النتاجات الأدبية والفنية والإجتماعية والتاريخية والفلسفية والنظريات التي سادت الفكر الحديث وهي بلا شك نظريات غير مستقرة إبتداءً بالتحليل النفسي وعلوم الطبيعة حتى الإكتشافات الحديثة العلمية للحضارات وما تركه الإنسان من كتابات حيرت العلماء إذن كيف بالثقافات التي رسم لها الإنسان الحديث أبعاداً مقروءة ومسموعة ومرئية ,ليس بمعنى الشتات الذي يفضي إلى متاهات غير ثقافية تبعد الإنسان عن مداركه و معرفته و توغل به إلى القطب السالب من تطوره بل لا بد من الإشارة إلى ان فكر المثقف آخذ بالتشتت الفكري لإبتعاده عن بؤرة الثقافة وما يستلزمها من معرفة ووعي فأصبح في دوامة لا قرار فيها يحاول جاهداً أن يفلت من مداراتها ومساراتها غير النهائية و المفضية للعدمية وفي الطرف الآخر يدرك المثقف الواعي هذا الزخم الجمالي والتراثي والعلمي والتكنولوجي لجميع المحاور و المسارات التي تخدم تجربته الإنسانية كأفعال ومواقف تمر به إضافة إلى المتغيرات الحياتية الفلسفية التي تؤثر في تجربته الشعورية ومن الغريب ان يجد المثقف نفسه في حالات متشابكة من العلاقات المبنية على الوهم أحياناً في إختيار اته وهذا الوهم قد يبعده عن الخطاب الثقافي المعرفي الدائرحوله فيبقى في الخارج متأملاً ضائعاً ومشتتاً وتاركاً النواة الحقيقية التي يتحرك فيها التي تستقطبه وهي مجمل العلوم التي ذكرتها سابقاً إضافة إلى استمراره في اكتشافاته و تميزه من خلال تجربته الإنسانية ووعيه مع الآخرين الذين قد يرونه بعيداً عَنْ مستوى أفكارهم و تطلعاتهم ومدركاتهم!

إن الخصوصية التي يتحلى بها المثقف تحتم عليه الدراسة والمعرفة والوعي والإكتشاف والتأمل و الإجابة عن الأسئلة التي تحيط به وتطارده ومن ثمّ عكسها إبداعياً في كتاباته وإلا ما معنى أن يبقى في دوامة الإنتظار والتردد و الإبتعاد عن المعارف الثقافية وهي البؤرة الحقيقية لمدى إبداعه في بناء تجربته الأدبية ومن هنا تحيلنا التجارب الثقافية لعدة أنماط نقدية هي الأكثر إنساقاً التي تعين الأديب في الأستمرارية أمّا الآخرون فأخذوا منها وقلّدوها وكأنها ملكهم و يصبح هذا النمط من الأدباء ناقلاً و معداً لتلك الأفكار وليس بإستطاعة هكذا أُدباء الإستمرار في الإكتشاف والأستزادة من المعارف لأنه يعتمد على تقليد ومجانسة تجارب الآخرين فتبقى ثقافته واهنة بعيدة عن المعرفة والأصالة والإبداع.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *