خليل رجل تجاوز التسعين بقليل ، ذو جسم هزيل ، وحجم ضئيل، عمل في صغره حمالا” في سوق الشورجة ، ولما تقدم به السن في الستينات عمل صباغ للأحذية ، حتى بلغ السبعين ، فأخذ يبيع مقتنيات لا قيمة لهن ، يفرشهن على قطعة قديم من القماش البالي..
يدعي خليل أنها مقتنيات روحية مرتبطة بغيبيات لا يدركها البشر ..
ذات مرة جائته امرأة من حريم الحكام ، و تطلعت على فرشته ، وسئلته عن مفتاح قديم غريب الشكل ، أجابها بثقة :أنه مفتاح لبيت في الجنة .قالت له : وكيف عرفت ؟؟
قال لها : اهداني إياه (سيد علي) الذي وجده في جيبه عندما خرج من الزنزانة بعد خمسين سنة من السجن ، عاشها السيد معتكفا” للعبادة ، زاره الرجل الصالح وأبلغه بالمفتاح..
عادت السيدة سائلة : وكيف وصل لك ؟؟!!
قال خليل : كان السيد علي اكثر من اخ ، عندما دنى أجله ، اهداني إياه ، وابلغني أنه سينتظرني في الجنة..
قالت زوجة المسؤول الكبير : بكم ثمنه؟؟
قال خليل: قيمته لا تثمن ، ولكن اعطيني ما يكفيني لأيام ..
دفعت له (25 الف دينار ) ومضت إلى قصرها الفخم في المنطقة الخضراء..بعد يومين ،عادت السيدة ومعها حقيبة ، وحالما التقت خليل ،سلمت عليه على عجل ، وابلغته بأنها جلبت له مبلغ كبير من المال ليعطيها أحد البيوت الذي لديه..
سألها خليل : من قال لك أن لدي بيوت في الجنة ؟؟!!.
قالت : بالأمس ، في المنام زرت الجنة وعندما حاولت أن افتح أحد الأبواب ، أبلغني رجل صالح يرتدي عباءة بيضاء أن المفتاح ينقصه البيت الذي تم اهداءه اليك..
قال خليل : اختاري أحد البيوت ، واعطاها اوراق لرسوم لبيوت من رسومات الاطفال..
استغربت السيدة وسألت خليل : من اين لك هذه الرسومات؟؟؟
قال خليل : أنها من وحي عقول ايتام وهبها الله لذويهم..اختاري رسم واعطيني ما يكفيني لأيام، وخذي حقيبتك وارحلي…
بعد يومين ، امتلئ الشارع الذي يفترش خليل فيه مقتنياته بالحرس والحمايات ، ونزل المسؤول من إحدى السيارات السوداء المظللة ، وسأل عن خليل ، وحالما وصل إليه قال : اريد منك كل بيوت الجنة و كل مفاتيح الجنة ، وسامنحك مالا’ كثيرا”.
أجاب خليل : ليس لدينا مفاتيح و لا بيوت من الجنة..
قال المسؤول : قبل يومين ، اشترت زوجتي منك بيتا” ومعه مفتاح !!!!
قال خليل : لم تعد لدينا مفاتيح و لا بيوت..
تعصب المسؤول و بدأ بالسب والشتيمة ، و اجتمع كل الحرس على خليل ، وانهالوا عليه بالضرب والركل حتى وقع مغشيا” عليه وظنوه ميتا”…
زار عزرائيل خليل المضرج بدمه ، وقبل أن يتحدث عزرائيل ، قال خليل : لقد انتظرتك طويلا ، لكنك تاخرت كثيرا”..ياحبيبي ، لقد سرقوا منا طفولتنا وشبابنا وعمرنا .. سرقوا احلامنا و افراحنا و أمنياتنا ، ولوثوا كل جميل وهبه الله ..لم تعد الحياة لي و ربما لمعظم العراقيين ذات معاني جميلة و اهداف نبيلة ، لأنها ملك الطغاة من الولاة الفاسدين والظالمين و المجرمين …
بكى عزرائيل وقال : يا خليل ، سادعو الله أن يبقيك، لتكون حجة على من يدعون بعبادته و يراؤن بطاعته ، وان موعدهم الصبح ، أليس الصبح بقريب..
ربنا لاتزغ قلوبنا و لا تنصر عدونا من الفاسدين الظالمين..
و ارحمنا يا ارحم الراحمين..

البروفيسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *