قبل حادث الزلزال بأيام كنت في زيارة للعربية السورية لفت انتباهي ان لديهم بطاقة تموينية للخبز وهي عبارة عن بطاقة يستلم من خلالها الفرد عدد معين من الارغفة يوميا ، كنت قد خرجت من الصباح الباكر لا نجاز بعض المهام حين مررت على فرن للخبز ، فرأيت طابورا طويلا من الاشخاص جاؤا ليستلموا حصتهم من الارغفة ، وبينما انا انتظر صاحبي بالقرب من الفرن ، اعلن صاحب الفرن ان الخبز قد انتهى ، فرأيت رجلا قد جلس على الرصيف ووضع يديه على رأسه وكأن مصيبة قد حلت عليه ، وفهمت من الآخرين انه لا يملك ثمن شراء الرغيف من السوق السوداء ولديه اطفال يذهبون للمدارس ويجب ان يأكلوا ، لقد كان موقفا حزينا مؤلما يبعث على الأسى ، تذكرت هذا الموقف اليوم وانا أقرأ عن انجاز جديد لوزير التجارة وهو يريد ان يطبق التجربة السورية في العراق ، وقد نسي هذا الوزير ان اكثر من 80 بالمئة من العراقيات يخبزن الخبز في بيوتهن ، ناهيك عن قلة الافران التي ينعدم وجودها اصلا في الكثير من المناطق وخصوصا الريفية منها ، وما ستفرزه حالة التزاحم على الافران القليلة والتي لا تخلو من حالة فساد مؤكدة ، لا اعرف لماذا نستنسخ كل ما هو فاشل في التجارب العالمية ونُصرّ على ان نكون دولة فاشلة بكل المعايير ، ولكن ان يصل الفساد الى رغيف الخبز الذي بقي هو الشيء الوحيد الذي يمنع غائلة الجوع عن المواطن العراقي فهذا شيء لا يجب السكوت عنه وعلى ممثلي الشعب مساءلة الحكومة عن هذا الاجراء ولو انهم غير معنيين بالحصة التموينية باعتبار ان رواتبهم المليونية تجعلهم في منأى عن الفقر . كلما حاولت ان افكر في تلك العوائل التي تقتات على ما تحصل عليه من المزابل من بقايا البلاستك و علب المشروبات الغازية كيف ستتعامل مع تلك البطاقة المزعومة وكم تستغرق من الوقت لتصل الى اقرب فرن لتستلم حصتها من الخبز او الصمون اجد من الصعوبة تخيّل ذلك الموقف فهم لا يملكون اجرة النقل لأني ارى انهم ينقلون حصتهم اعتمادا على جهدهم البدني او ما يتصدق عليهم احد معارفهم ممن يملك الستوتة ويعينهم على نقل هذه الحصة .ان البطاقة التموينية لأفران الصمون قد تنفع طبقة معينة من المجتمع الذي يعيش على الدلفري وهذه الرفاهية غير متوفرة لأكثر من 50 بالمئة من الشعب العراقي ، فلا يجب ان تعمم هذه التجربة بدون استطلاع الرأي العام ، وتجربة هذه الفكرة على عينات من المجتمع والتأكد من نجاحها من عدمه .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *