من نِعَم الله تعالى علينا والتي لا تحصى ولا تعد هي وسائل المساعدة الربانية والتي يَمُنُّ بها علينا طالما نحن على قيد الحياة ، فالمؤمن الحقيقي هو من يحسن استغلال هذه الوسائل لنيل رضاه اولا وليكسب منها اكبر عدد من الحسنات المجانية لتستقر في ميزان حسناته ، وشهر رمضان المبارك يعد من أهم هذه الوسائل ففيه ليلة مباركة وهي خير من الف شهر تتنزل فيها الملائكة رحمة للمؤمنين ، ولابد من التذكير والتنبيه لعظمة هذا الشهر الفضيل واستغلال هذه الرحمة ، فلا تكن من يفضل اولاده على والديه واجبر خاطر كل من لجأ اليك يطلب حاجة ، فكل الاعمال هي دين عليك صالحة كانت ام العكس …

قبل عشرين سنة وفي مثل هذه الايام اضطرتني الظروف الى مغادرة بغداد بعد قرع طبول الحرب الامريكية لاحتلال العراق ، فتوجهت الى قضاء القائم قاصداً احد رفاق السلاح والذي عرفته في الجيش خلال فترة الحرب العراقية الايرانية ولم يستغرق الامر كثيراً حتى وصلت اليه انا وعائلتي وبدون اي مقدمات استقبلنا هو وعائلته بكل سرور وفرح وكرم واستضافنا في بيته المتواضع بعد ان اخلى لنا صالة الاستقبال لتكون داراً مصغراً لي ولاسرتي وكانت كلمات الترحيب والتقدير تسبق كل كلامه ولم اتفاجئ من ذلك ابداً لانني سبق وان عرفته عن قرب حيث كنا اكثر من اخوة ونحن نتعايش في اصعب ظروف الحرب الطاحنة ، ومكثنا في ضيافته عدة ايام وكانت الطائرات الامريكية لا تبقي ولا تذر ، فلم تستثني اي بناية حكومية في القائم الا وصبت حمم الحقد والنذالة عليها وصديقي يتنقل بنا من مكان الى اخر خوفاً علينا ، لقد كان موقفه لايوصف وترك في نفسي وعائلتي اثراً طيباً لا زال عالقاً بذاكرتي وتولد لدي شعور عالي بأن المواقف هي التي تكشف الرجال ومعادنهم الاصيلة …

استذكرت هذه الحادثة لسببين اولهما هي الذكرى العشرين لهذه الحادثة المؤلمة ، والسبب الاخر لموقف بسيط جداً احتجت فيه لصديقين من الاصدقاء وهما من اقاربي المقربين (عشرة عمر) كما يقول المثل ، وكنت قد اتصلت بهما كي افضفض عن ما في قلبي من هم وشكوى لبعض أبتلاءات الحياة ، وما أن سمع مني أحدهم كلمة محتاج ان (……) حتى قاطعني بالقول (والله ان ظروفي جداً تعبانة وما أگدر أساعدك والناس كلها ظروفه صعبة والله يكون بعون العالم ووووو ) الى آخره من كلمات التهرب والاعتذار ، بحيث لم يمنحني فرصه للكلام وان يسمع ما سأطلب منه ، ولم يكن في نيتي ابداً طلب اي شيء ما في ظنه ، فقط اردت ان يسمع مني آلامي ويهون عليَّ امري ، فكانت صدمة لي واضطررت للمقارنة بين الصديقين وكما يقول احسان دعدوش ( ليش هو اصدقاء كبل مثل اصدقاء هسه)، لقد اصبحت الكلمة الطيبة بثمن ، والصداقات مصالح و لاشيء لوجه الله ، فالذي يبخل عليك بمجرد الانصات والاستماع ونحن بشهر الرحمة والمغفرة فكيف ياترى سيكون عطائه المادي ؟ …

مجرد سؤال..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *