الانتماء ليس هوية تصرفها دوائر الجنسية ، وليس هو موقع وظيفي يتصرف به من ينتمي لهذا الموقع ، وكذلك ليس هو دعاء ديني أو كلمة يطلقها من على المنبر ،ولا هو بندقية سائبة تخرق القوانين وتتعالى على الناس بالتخويف تارة وبالدفاع عن الأرض تارة أخرى ، ولا هو تدافع عشائري فوق الوطن مره وتحت قوانين فصل المقتول بمبالغ ينتظرها المتسولون على مائد المقتولين والجرحى ، وليس هو زعيم مافيوي يبتز ويسرق وفاسد في المال العام ، إذن ما هو الانتماء ، إذا كان ليس كل ذلك .الانتماء هو الوطن والشعب والقوانين والعلاقات الإنسانية ، هو التكوين البشري المرتبط بحقوق الناس دفاعا عنها والتضحية من اجلها ، هو الانسان القضية المقدسة الأمين على مصادر العيش والمخلص على موارد البلد ، هو هذا الذي شكل طوابير الدفاع عن الوطن عندما تعرض للتفكيك في اخطر هجوم إرهابي ودولي واقليمي في التاريخ المعاصر دون أن يسأل عن مخاطر الموت وعن الفائدة من تلك التضحيات ، هو هذا الذي لا يملك شيئاً لا بيتاً ولا زوادة خبز ولا بقايا من المال لتعتاش به عائلته ، هو هذا وهو فقط تأبط البندقية وزاحم رفاقه في الخطوط الامامية وخنادق القتال لكي يبقى من بعده الوطن والناس والتاريخ أمنين . هذا هو الانتماء ، وهؤلاء هم الاحق بالوطن والحرية والعيش الكريم ، ومن بعدهم يظل السابحون في البرك الاسنة دعاة الانتماء للوطن الباحثون في زوايا النهب والفساد أجساد زرقاء تنبش أجسادهم ديدان المقابر في الحياة قبل الممات . من هنا وعلى وفق شروط الانتماء ، لابد من الوقوف مع كل خطوة تزيح عن الوطن والانتماء كل أجساد الفاسدين المثقلة بحقوق أولئك الذين ضحوا وقاتلوا واستشهدوا من اجل الانتماء والوطن ، وعندما نشاهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وهو يلتقي بجرحى المعارك وبعض عوائل الشهداء بغية إعادة حقوقهم أو الوقوف على قضاياهم بغية حلها فأنه يقيناً يسهم في دعم شروط الانتماء ويوصي بعزل اللامنتمي عن المنتمي الحقيقي.
نهاية الشهر
كما ونحن نشاهد عندما يتسأل لماذا يتم إطفاء الكهرباء عن البيوت والاحياء قبل وبعد نهاية كل شهر ، اليس في هذا التصرف هناك خللا مقصوداً أم انه امراً في مقتضاه قضية .إن متابعة الفاسدين ومصادرة الأموال التي سرقت ، ليس امراً سهلاً ، كون هؤلاء شكلوا في كل مكان يتواجدون فيه أو كل دائرة وشركة لهم فيها حصة شكلوا اخطبوطاً ليس من السهل تقطيع ارجله دون ان يشارك في ذلك كل الوطنيين والخيرين المدعمين بالقوانين لكي يمضي مشروع مكافحة الفساد في السكة التي توصل نهاياتها الى عتاة دعم الفساد .بعد عشرين عاما شعرنا نفسيا وواقعيا ، هناك عمليات معالجة لازمة البنية التحتية وترميم ما خلفه الاجتياح لبغداد وما تركته سياسة التوزيعات المذهبية والعرقية من خراب للشوارع والاحياء والمدن ، وشعرنا ايضاً هناك محاولات إيجابية لخلق حالة من التواصل بين المواطن والدولة وذلك عبر مشروع الخطة السنوية التي طرحها رئيس مجلس الوزراء ، بعد انقطاع حقيقي بين المواطن والسلطة ، حيث طيلة السنوات التي مضت لم يشعر المواطن بأن هناك سلطة تعبر عن مصالحه وتحافظ على حقوقه ، بل كل ما كان هو صراعات ومناكفات بين اركان قوى المصالح المذهبية والعرقية . صحيح لم نصل الى السلطة الوطنية العابرة عن الطائفية والعرقية وأركان الفساد ، لكن خطوات العمل لتحقيق ماتستحقه بغداد تمضي ومن سار على الدرب يصل . بغداد تلك العاصمة المهيوبة والتاريخية تستحق أن تعود حاضنة العمران لأهلها ولكل محبيها . إن مراجعة المعنيين والمسؤولين في الدوائر والوزارات بما حققوا من إنجازات وما اخفقوا عملية ضرورية لكي تكون خطة عمل لما بعدهم ، ولكي يشعر الجميع بأن المسؤولية في الدولة أو مجلس النواب ليست عملية شرفية أو مغانم مادية .
وإنما هي خدمة للوطن والمواطن ولايستحقها الحصول على هوية الانتماء إلا من كان جديراً بهذا الانتماء مثل أولئك الذين تركوا الأمهات والزوجات والاحبه وقاتلوا دفاعا عن العراق منهم من استشهد ومنهم من تعوق . فهل يفعلها السوداني في المضي بقوة دون اعتبار لمن يقف في الطريق في محاربة الفساد وبناء بغداد وهي التي تستحق نعتقد أنه قادر وكل الخيرين والوطنيين معه ، والكل مع دولة قوية تحترم المواطنة والعدالة الاجتماعية والحقوق .