الموازنة وفقا لعلم المالية العامة تعني موقف الدولة المالي إزاء المواطنين ، بتعبير اخر تعني الموازنة حجم الموارد المالية في بحر سنة واحدة يقابلها المصروفات المتوقعة على أبواب الصرف الثابتة والمتغييرة ، وهي أي الموازنة تؤشر بلغة الأرقام إلى مدى اهتمام الحكومات بأمور الدولة العامة وأمور المواطن وشؤونه الخاصة ، والمتبع في الموازنات الرصينة أن تتجه صوب الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا والأقل إيرادا ، وهذا لا يتحقق إلا بالاحساء الدقيق والغور العميق في دقائق حياة الإنسان ، واليوم تحاول الموازنات الاقتراب من المحتاج ولكن بعين سياسية لا بعين اقتصادية ، فالمحافظات الوسطى والجنوبية يؤشر فيها محرار الفقر أرقاما لا تتناسب وموارد العراق المالية.
فقد بلغ الفقر مثلا في محافظة المثنى 52 بالمئة ، وهي منسية طيلة عهود ما بعد قيام الدولة عام 1921 وبعدها محافظة الديوانية إذ تبلغ فيها نسبة الفقر 48 بالمئة ، ويستمر الفقر ليصل إلى محافظة ميسان ليبلغ 45 بالمئة ، وكذا محافظة ديالى 22 بالمئة ، وواسط 19 بالمئة . ولو بحث أي منا عن أسباب الفقر لوجد أن الإقطاع كان وراء كل ذلك البلاء ، حيث تركزت الثروة بيد الأقلية مقابل ملايين الفقراء من الفلاحين .
وكان للفساد وسؤ الإدارة سيوفها الفاعلة يضاف إليها فتور همة الناس على مدى تاريخ العراق في التغيير .
أردنا من كل ما تقدم أن ننبه المشرع أن الموازنة تعني العدالة في توزيع التخصيصات ، ولكن بعين المخطط الاقتصادي لا بعين النائب السياسي ، ولو لاحق أي باحث ما طرأ على محافظة المثنى منذ العام 1970 لغاية تاريخه لوجد أنها بدأت بقائمة الفقر ولا زالت الفائزة فيه ، والسؤال ، هل أنصفت الموازنات المتلاحقة أبناء العمارة والسماوة والديوانية ؟. كلا . ورب قائل يقول ماذا تفعل الموازنات والكل يطالب بالتخصيصات .؟ نعم لكل محافظة الحق بالتقدم والتطور ، ولكن مراوحة بعض المحافظات في مكانها يثير القلق ويعلن الاستغاثة .
أن التخصيصات لا تكفي وحدها في تحقيق الأهداف ، بل صحة الأهداف ،، ونظافة يد من ينفذ الأهداف ، والجدية في تحقيق الأهداف ، والعدالة تتطلب الموظف العادل ، والتخصيص العادل والتنفيذ المتكامل ، والا ستبقى كل المحافظات على ماهي عليه طيلة قادم الأيام ، والحليم تكفيه إشارة الإبهام …..