في العام 1999، أتصلتُ هاتفيا بالأديب الراحل زهير احمد القيسي (1932 - 2012)، من اجل حوار صحفي موسع معه وجها لوجه لصفحتي التي تحمل عنوان (اوراق من دفاتر العمر) على امل ان ازوره في بيته ، ثم اكملت حديثي الهاتفي معه سائلا عن صحته اذا ما تسمح بذلك وأحواله ونشاطاته ، لكنه اكد لي ان صحته لا تساعده حاليا وتمنى ان يتعافى ليتحقق اللقاء والحوار .
لكن الطريف، انه بعد أيام من هذه المكالمة، جاءتني رسالة من الاستاذ القيسي وفيها حوار صحفي قصير مع نفسه على طريقته الخاصة تحت عنوان (زهير احمد القيسي .. خمسون عاما ثقافية 1945- 1999) ..، فيه من اللطافة ما يجعلني انشره ضمن (لطائف وعواصف).
كتب القيسي له هذه المقدمة الظريفة (سعت الصفحة الاخيرة الى زميلنا القديم في تحرير جريدة ” الجمهورية” التي خدمها حوالي عشرين عاما الاستاذ زهير احمد القيسي بمناسبة عزيزة عليه وعلينا هي مرور خمسين عاما على عمره الثقافي ، وقد كتب الزميل عبد الجبار العتابي من محرري الصفحة الاخيرة يقول : يصادف عام 1999 هذا مرور 50 عاما على نشر أولى مساهمات القيسي الثقافية ، فهو عيد اليوبيل الخمسين لحياته الثقافية التي بدأت عام 1949 ، وقد احتفل القيسي بهذا العيد بصمت فهو لا يزال طريح الفراش في منزله بالغزالية بعد اصابته بالجلطة الدماغية .
ابتسمت طويلا لهذه الكلمات، لان من غير الصحيح ان يكتب المحرر الصحفي هذه المقدمة ويرسم لنفسه مجالا وتعريفا مثلما فعل القيسي.
وفيما يلي بقية الحوار الذي اقتطعته منه شيئا بسيطا..
سأله المحرر عن نشاطه الثقافي اليوم فقال:
- اني اعاني من العجز والمرض والشيخوخة غير انني اواصل كتاباتي وانجاز بعض المؤلفات التي تضاف الى مؤلفاتي الخمسين المطبوعة والمخطوطة.
ثم سألناه عن برامجه الاذاعية والتلفزيونية وخاصة برنامجه الشهير “اسمك عنوانك” الذي كان يستجيب لأسئلة المستمعين عن معاني اسمائهم ومواطن سكناهم واصولهم الاسرية والعشائرية فقال:
- كل شيء معطل بسبب مرضي وارج وان اكون قادرا في المستقبل على معاودة نشاطي الصحفي والاذاعي والتلفزيوني. سأله المحرر عن المثل المعروف: اسم على مسمى واصله فقال: – الاسم قد يكون منطبقا على من سمي به وقد يكون غير منطبق فكم هناك من لا تنطبق اسماؤهم على صفاتهم وكم هناك ممن يكون هو واسمه شيئا واحدا مثل النبي محمد صلعم فهو المصطفى وهو الصادق الامين وكم من وديع وهو انموذج لغير الوداعة وكم كريم وهو من بخلاء الجاحظ!.