تستورد الدولة عشرات آلآف الأطنان من مادة الحنطة سنوياً وترسل هذه الكميات الهائلة الى مطاحن تتفاوت كفائتها بين مطحنة وأخرى ففيها القديم المتهالك وفيها التي تخلو من النظافة وهناك بعضها الآخر لا يخلو من غش ٍ واحتيال في خلط الجديد مع القديم بدون علم وزارة التجارة على حد قول اكثر المراقبين وبعدها توزع ضمن الحصة التموينية لكل عائلة عراقية بأسعار زهيدة تكاد تكون مجانية ولكن ظهر بعد تجربة السنين أن 70 أو 80 بالمئة أو اكثر من العوائل العراقية تبيع الحصة الى الوكيل بأسعار رخيصة جداً وتشتري الخبر من الافران المحلية على حسابها الخاص والمستفيد الوحيد من هذه العملية هو الوكيل طبعاً لاستحواذه على تلك الاطنان من الطحين بعد ان يبث البعض منهم الدعاية الشهيرة (الطحين هذا الشهر مو خبار) أي لايتماسك في التنور ويتساقط الى القاع لردائته وهذه طريقة ثعلبية في جني الارباح ، وهكذا تذهب سدى آلاف الاطنان من الطحين التي كلفت الخزينة مئات الملايين من الدولارات ؟ يبدو أن مادة الطحين قد أصبحت غير ضرورية لأكثر العوائل العراقية بسبب أن عميلة صناعة الخبز في البيوت تحتاج الى استحضارات وطقوس تعجز اكثر النساء الخوض في غمارها مثلاً يحتاج الطحين الى قوة بدنية لعجنه واكثر النساء مصابات بهشاشة العظام وضعف البنية الجسدية يعني ( تنفخ عليها أطير) بالإضافة الى سوء معرفتهن بطريقة تخميره الصحيحة بالإضافة الى ضرورة توفير قناني الغاز والمنظم العاطل على الدوام ومدى صلاحية التنور ووقت الفراغ الذي صار اشبه بالمستحيل خاصة للموظفات اللائي يأكلن طعامهن وراء الآلة أو وراء مناضد العمل هذا بالإضافة الى ظهور طبقة من النساء اللواتي يستنكفن من الوقوف وراء التنور لخبر الطين وترى ان هذا الأجراء الوضيع لايتناسب مع شخصيتها المتكبرة وطبقتها المتعالية. على هذا الأساس تستطيع الدولة ان تقتصد بكميات الطحين المستوردة وتوفر عدة ملايين من الدولارات في خزينة الشعب بعد قيامها بتأسيس افران حكومية في الاحياء السكنية يعمل فيها عمال وافدون من الدول المعروفة بخدمية شعوبها مثل الهند وبنغلادش وبعضاً من الدول العربية وتمنحهم رواتب رمزية معززة بنسبة من الأرباح التي تحظى بها تلك الافران على ان يكون سعر الخبز مدعوماً من الدولة الى الضعف وبهذا ندحض الحجة التي يأتي بها البعض بأن الخبز الأهلي غالي ويعجز المواطن عن شراءه وبنفس الوقت نوفر مئات الملايين من الدولارات بدل من ضياعها بهذا التوزيع الشعبي الغير مجدي … هناك حلول عديدة تستطيع الدولة ان تجدها بدلاً من هذا البذخ الهائل لهذه المادة التي صارت فائضة في اكثر البيوت العراقية وخاصة الطبقة البرجوازية منها أي من التجار جماعة ( ماما غطيني).