بينما اتصفح في موقع التواصل الاجتماعي, الفيس بوك, شاهدت فديو في احدى المدارس الابتدائية العراقية , وفي لقطة منه يظهر مُعّلم وهو يُدخّن السيجارة امام التلاميذ, دونَ الاكتراث لتبعات هذا التصرف الذي لا يخطر ببال صاحب الفعل ولا الكثير من المُتابعين مدى خطورته على مكانة المؤسسة التربوية وقيمتها كأساس لبناء جيل مُتحضّر ومُتعلم ومُثقف يُسهم في بناء البلد وتقدمهِ. هذا التصرف يجعلني اطرح العديد من التساؤلات , منها: اسباب تدخين هذا المعلم أمام التلاميذ دون الانتظار الى نهاية الدوام ويُمارس حُريتهُ الشخصية خارج المدرسة بعيداً عن مرآى التلاميذ, بغض النظر عن كون التدخين بحد ذاته مضر بصحة الفرد, فهذا ليس موضوع مقالنا . والتساؤل الاخر حول دور الكادر الاداري الذي من المفترض ان يكون متواجد بأستمرار في المدرسة ويرصد هكذا حالات والتي كما هو واضح بأنها حالة تتكرر بأستمرار والدليل وجود جمع من الكادر المدرسي وطلبة بالقرب من هذا المعلم اثناء تدخينه, اذن وجود زملاء له قد يكونوا معلمين وربما مدير المدرسة نفسه متواجد. وماهو دور وزارة التربية من هكذا تصرف خاصة انه نشر في مواقع التواصل وشاهده الكثيرين؟؟؟
انَّ عدم الشعور بالمسؤولية هو السبب الرئيسي لتصرف بعيد عن إخلاقيات مهنة التدريس, وعدم الشعور بالمسؤولية سببه ضُعف الدولة في تطبيق القانون ومعاقبة كلَ من يُسيء او يُقصّر في مهنتهِ , وهذا ما جَعل بعض المعلمين يقومون بأفعال تسيء لشخصيتهم ومكانتهم, وينسوّن واجبهم ودورهم التربوي. الذي قد لا يعرفونه لعدم وجود تثققيف في هذا الجانب من قبل وزارة التربية, فالثقافة التربوية السائدة في الدولة هي ان التعليم فقط مُقتصرٍ على التلاميذ , اما المعلمين فقد اجتازوا مرحلة التعَّلم الى مرحلة التعليم , بينما الواقع يُحتّم ان يكون هناك وِرش ونَدَوات تثقيفية مُستمرة للمُعلمين مهما بلغَت خبرتهم في السِلك التربوي – التعليمي , فالعالم في وتيرةَ متصاعدة من الاحداث المختلفة والتي تؤثر في كل مَفاصل الحياة , وهذه بدورها تؤثر في المعلمين وبالتالي في التلاميذ خاصة في الجانب النفسي والاجتماعي, وهذا ما يجعل المجتمع موبوء بأمراض نفسية واجتماعية كثيرة بسبب سلوكيات سلبية سائدة في المجتمع, احدى هذه السلوكيات هي تدخين المعلم امام تلامذته.
لذا فأن الاهتمام بتأهيل المعلم من شأنه ان يجعل منه كثير المَعرفة , محترماً لنفسهِ ولمهنتهِ ولتلامذتهِ, ويجعلهُ حريص ويخاف عليهم من ان يقتدوا به وان يُدمِنوا التدخين كما يجعله التأهيل حَريص على أن يحترمَ التلاميذ الحَرَم المدرسي اذا اصبحوا يوماً معلمين. فالكثير من التلاميذ يتأثرون بمعلميهم ويقتدون بهم, لأن مرحلة المدرسة خاصةً الابتدائية تكون من المراحل المُهمة في ذاكرةِ التلاميذ, وتُساهم في تَرسيخ بعض القيّم لديهم وليس فقط تعّلم العُلوُم المختلفة ولهذا فالوزارة التي تُمثل المدارس تسمى وزارة التربية لأنها تُركز في منهجها وخُطتِها في التعليم على الجانب التربوي اكثر من المعرفي, ولكّي تقوم هذه المؤسسة المهمة جدأً بل الأهم من كل المؤسسات- بدّورها التربوي يجب ان تؤهل المعلم اولاً, لأنه كما هو سائد في مجتمعنا, بأنه قُدوة للتلاميذ ,لهذا يجب محاسبته قانونياً ان قام بأي فعل يسيء لمهنتهِ الانسانية ويَضرُ بالمؤسسة التربوية, وإلا سيَصبح المعلم قدوة , ولكن …قدوة غير حسنة.