قبل كل شئ نود أن نوضح أن بذمة العراق قروضا خارجية تعادل ما قيمته 50 بالمئة من الناتج المحلي البالغ 207 مليار دولار لعام 2022 وهو ناتج محلي سالب ، لانه لا يعتمد على انتاج الخيرات ، بل يعتمد على تصفير خزين العراق النفطي الذي سيكون أكثر قيمة واهتماما للبشرية للأعوام القادمة ، لأن النفط سيبقى إلى الابد مادة خام لأغلب حاجات الإنسان اليومية ، وان الكثير من مصادره سوف تجف في الكثير من دول العالم ، وانطلاقا من هذه الحقيقة نقول إن سياسات الحكومات المتعاقبة كانت تقوم على قاعدة بيع النفط وتكسيل القوى المنتجة لأنها لم تهيئ لها فرص العمل في القطاع الخاص ، وأنها ممعنة بتدمير القطاع العام ، والمجتمع تحول جراء ذلك إلى فاه يبحث دوما عن الطعام ، والى أذرع مغلولة تبحث عن عمل ، ولم تعد أساليب الحكومات المتعاقبة بقادرة على تجاوز هذه الأزمة لأنها أصبحت خارج الممكن الحكومي.
موازنات تشغيلية
كما ان الموازنات صارت موازنات تشغيلية بامتياز لأنها تلبي حاجة الأحزاب والكتل للنقد الوطني والاجنبي ، وما الموازنات الاستثمارية إلا موازنات خجولة تعتمد في تمويل أغلب فقراتها على الاقتراض الخارجي ، وأنها تنصب في الأغلب على مشاريع تكون في العادة وهمية او مشاريع وان تم البدء بها ، فإنها نادرا ما تصل مرحلة التشطيب ، وهكذا سارت موازنة 2023 فبالرغم من قلة تخصيصات الموازنة الاستثمارية بالقياس إلى الموازنة التشغيلية ، حيث شكلت تقريبا ثلث تلك الموازنة البالغة 150 تريليون دينار ، إلا أن 25 بالمئة من تخصيصاتها تعتمد على الاقتراض الخارجي ، الذي يخضع بدوره للكومشنات والمساومات ، وان مرض الاقتراض سيضيف إلى ديون العراق الخارجية بموجب مخرجات هذه الموازنة ما يناهز ال 10 مليار دولار إلى قروضه السابقة كالقرض البريطاني عام 2016 بمبلغ 12 مليار دولار والذي لا نعلم أين تم توظيفه وما هي المشاريع الاستراتيجية التي تم إنجازها وفقا لهذا القرض .؟ .
وبعده القروض اليابانية والإسبانية والفرنسية والكورية الجنوبية والأمريكية ، و، و، مئات القروض التي لا زلنا ندفع خدماتها وفوائدها دون مردود مالي يذكر يعمل على المساعدة في تسديد اقيام هذه القروض الاجنبية ،
ناهيكم عن قيام العراق بتحويل 70 ملبار دولار سنويا لأغراض الاستيراد المشوه ، ولو كانت الحكومات المتعاقبة تفهم الاقتصاد لكان مردود هذا المبلغ كفيل بتشغيل الايادي العاطلة اضافة الى امكانية تسديد الفوائد ، وان توظيف كل تلك الأموال المهدورة طوال عقدين كان كفيلا بعدم الاقتراض ، لأن الاقتراض وفقا لعلم الاقتصاد أشد الأمراض فتكا بالدول وأقتصاداتها ، اضافة الى كل ما تقدم فإن القروض تشكل اولى قواعد التبعية السياسية وأنها أكثر وسائل افقار الشعوب على مدى سابق وقادم الأعوام ، والحليم تكفيه إشارة الإبهام …