-1-

اذا كانت أغراض الشعر متعددة فانّ المدائح الشعرية تقف على رأس تلك الأغراض .

-2-

والمديح يأتي أحياناً نتيجة للايمان الراسخ بالمكانة التي يحتلها الممدوح عند الله، والولاء الصادق الذي تمور به النفس لتلك الشخصية الربانية العظيمة .

وفي هذا السياق تأتي مدائح الشعراء لأِهل بيتِ النبوة ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين )

وقد يعترف كبار الشعراء بالعجز عن بلوغ المراد في تبيان مناقبهم وفضائلهم .

فهذا المتنبي يقول :

وتركتُ مدحي لِلوصيِّ تعمُداً

اذ كانَ نوراً مستطيلا شاملا

واذا استطال الشيءُ قام بِنَفِسْهِ

وصفاتُ ضوءِ الشمس تذهبُ باطلا

وقال الشيخ الأعسم مادحاً الائمة الهداة ( عليهم السلام )

مَنْ جاء بالقول البليغِ فناقِلٌ

عنهم والاَّ فهو منهم سارقُ

ساووا كتابَ الله إلاّ أنّهُ

هو صامِتٌ وهُمُ الكتابُ الناطِقُ

وقال آخر :

بآلِ محمدٍ عُرف الصوابُ

وفي أبياتِهِمْ نَزَلَ الكتابُ

وقال آخر :

فأنتمُ الملأُ الأعلى وعندكُمُ

عِلْمُ الكتابِ وما جاءتْ به السورُ

انّ أهل البيت (ع) هم المنار الهادي للأمة ، وينابيع علمهم تتدفقُ بألوان العطاء العلمي والروحي والاخلاقي، ولهم مرجعيتان :

الأولى : تشريعية لاحاطتهم بأسرار الشريعة .

والثانية : اجتماعية بوصفهم القيادة المعصومة .

-3-

ويمدحُ أحد الشعراء كريماً يتهلل وَجْهُهُ اذا ما جَاءَهَ السائل فقال :

تراهُ اذا ما جِئتَةُ متهلِلاً

كأنّكَ تُعطيه الذي أنتَ سائِلُهْ

بينما ينقبض البخيل اذا سئل وينكص عن العطاء فارَّا منه .

-4-

ويسير على هذا النهج آخر فيقول :

وما أنا الاّ قطرةٌ مِنْ سَحابِهِ

ولو أننيّ صَنَفْتُ أَلْفَ كتابِ

ان الشاعر هنا يعتبر نفسه قطرة من سحاب الممدوح الهاطل كما انه لا يفي بحقه حتى لو ألّف ألف كتاب للإشادة .

-4-

وقد يمدحُ الشاعر نفسه وهذا ما صنعه البستي حين قال :

دعوني ونفسي في عفافي فانني

جعلتُ عفافي في حياتِيَ دَيْدنِي

وأعظمُ مِنْ قطع اليدين على الفتى

صنيعةُ بِرٍّ نالها مِنْ يديْ دَنِي

انه عفيف لن يمد يده الى أحد، وقطعُ اليدين عنده أعظم من ان يكون لِدَنيءٍ يدٌ عليه .

-5-

ان هذه المقالة الوجيزة لا تتسع للمزيد من الشواهد والاّ فان قصائد المديح قد ملأت دواوين الشعراء وانتشرت في سائر الارجاء .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *