أما الآن فلقد صار حلمي العظيم أبسط من البساطة والبطاطا التي تغنت بها الشحرورة الجميلة صباح .سأصنع مشيةً افتراضية وأبدأ من الباب البغدادي الشرقي ومن بعض شرقه سأزرع قدمي عند أعتاب سينما غرناطة وأصوب عيني نحو لوحة الإعلان الضخمة وقد أرى في ما يرى الحالم صورة ملونة لجارلس برونسن أو جوليانا جيما أو الثنائي الضحاك بود سبنسر وترانس هيل أو كلينت ايستوود وهو يشعل لفافة تبغ مارلبورو بعود ثقاب يضرب رأسه المتكبرت بكعب حذائه الجلدي الفخم ، فتشتعل النار وينور وجه البطل المنصور دائماً .
تترك غرناطة والنافورة والمقهى المعلقة وعند أعتاب دكان قنادر باتا في الجهة المقابلة لهذا المستقيم المكتظ ، ستنفتح أمامك الصورة وتتسع لتشمل الجزء الأعظم من حديقة الأمة وجسرها القائم فوق بحيرة وتمثال الأُم المزروع بخاصرة الحديقة كما لو أنه حارس يحرس الناس بالدعاء والحب المستجاب .
على يميني أنا وذاكرتي القوية سأرى شربت سمير ومطعم كبة الكبة وكص عادل وهذه الثلاثية البديعة الطيبة كان امتلكها صبحي الحاج حسن ابن عمتي وتالياً طورها إلى امبراطورية استطعامية ظلت قائمة بغير مكان ومكان من بغداد الجميلة حتى خرابها المبين .
وصلت الآن إلى داري سينما مشهورتين في زمانهما الذهبي وهما سينما الحمراء وشقيقتها الملاصقة سينما ميامي قبل أن تهوي على رأسيهما معاول الهدم العشوائي اللعين ليتبقى من المشهد سوق الهرج الغائص بزقاق طويل ربما كانت في أوشاله دور سينمات لا أذكر أسماءها تماماً لكنني سأقامر وأسميها سينما الرصافي وشهرزاد وعلاء الدين !!!
في الحلم القادم سأعبر شارع الجمهورية من أمام بناء وزارة الإعلام العتيقة وأدلف إلى شارع الخيام حيث حلويات أبو منير وفلافل أبو سمير وتمثال عامل حديدي فخم وربما حانة الركن الهادىء وباجة الهاشمي وقطعة أرض متروكة للقطط تتحول الى مبولة للمتعجلين الخارجين من متعة فلم أو أخير كأس