مواقفُ الرؤساءِ تتجلى بوقوفهم على مسافةٍ واحدةٍ من الجميعِ بما يضمنُ هيبةَ الدَّولة وحقوقِها ومصالحها والعدلَ والمساواةَ في التَّعاملِ مع كلِّ أفرادها وهذا يظهرُ مشرقاً في المواقفِ كافة لسيدِ البشرِ ورئيس الرؤساءِ محمد التي أرستْ قواعدَ السلوكِ الإنساني القويمِ ومنهج الحكمِ الرَّشيدِ لكلِ من يريدُ القيادةَ الأخلاقية الهادفةَ ذاتَ الأثرِ الإيجابيِّ والتَّربوي والتَّعليمي على كلِ الأفراد والهيبةِ والقوةِ والمنعةِ والعزّةِ على كلِّ الدُّول الصَّديقة وغيرِ الصَّديقةِ، حيثُ تبنى كلُّ المواقفِ والقراراتِ على أساسِ مصالحِ الدّولة العليا وتهذيب سلوكياتِ وحاجاتِ ورغباتِ الأفراد، وسيرتُه مليئةٌ بهذه الأحداث التي دائماً ما تفضي إلى ترسيخِ القيمِ النَّبيلة والثَّقافة المتماسكةِ التي تعملُ على حمايةِ المجتمعِ من الأمراض والأوبئة الاجتماعيةِ، ومن هذه المواقفِ يروى أَنَّ قرَيشًا أَهَمَّهُم شَأْنُ المَرأةِ المَخزُومِيَّة الَّتي سَرقَتْ فَقَالُوا: منْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّه فَقَالُوا: مَن يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ، حِبُّ رسولِ اللَّهِ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: «أَتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالى؟» ثُمَّ قامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهمْ كَانُوا إِذا سَرَقَ فِيهم الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».
أما رؤساءُ المواقفِ فهي تظهرُ على شكلِ مصلحةٍ شخصيةٍ أو عائليةٍ أو حزبيةٍ أو دعائيةٍ أو إذعانٍ لرغباتٍ معينةٍ من أجلِ التَّخادمِ والاستمرارِ دونَ مراعاةٍ لهيبةِ الدَّولةِ ومكانتها وحقوقِ الأفراد ومشاعرهم وكرامتهم وقيمهم مما يؤدي إلى تمزيقِ النَّسيجِ المجتمعي وترسيخِ ثقافةِ الفوضى والتَّخندق على أساسِ المصلحةِ الشّخصيةِ والتَّجاوزِ على الحقوقِ العامَّةِ مع غيابٍ شبه تامٍّ للمواقفِ الحازمةِ والخادمةِ والجامعةِ والمراعية لمصالحِ الدَّولةِ العليا وحاجاتِ وحقوقِ الأفراد وفقَ العدلِ والمساواةِ، ونماذج هؤلاء الرؤساءِ كثيرة على مرِّ التَّاريخ ولكنَّهم لا يستحقونَ الذِّكرَ. (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ? إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 4)
# القيادةُ موقفٌ وحكمةٌ، الأول يمكن صناعتهُ وفقَ آراءِ المستشارينَ والمقربينَ، لكنَّ الثّانيةَ لا يمكنُ تحقيقَها دونَ معرفةَ الحقيقةِ وطبيعةِ مواقفِ واتِّجاهاتِ وحقوقِ أصحاب المصلحةِ.