شعور بالهوان لدى ابناء الطائفة الشيعية في العراق، على الرغم من كونهم الاغلبية، فقد مر عيدهم المقدس من دون تهاني رسمية مثلما يحصل مع اعياد ومناسبات الطوائف والمكونات الاخرى في البلاد.
سكت رئيس الجمهورية الكردي، وسكت معه رئيس البرلمان السُني، وبقية الذوات والاعيان وكبار المجتمع، وزعماء الطوائف والاديان، وحتى اباطرة كردستان، جميعهم سكتوا ولازموا الصمت في (عيد الغدير) من دون تقديم التهاني أو تغريدات ولو مختصرة.
ولا ندري حتى لماذا البعثات والسفارات والمؤسسات العالمية العاملة في العراق، والتي تهتم عادة بكل صغيرة وكبيرة، بما فيها التفاهات، لم تكترث بعيد المكون الاكبر في البلاد ؟.
ووصل الهوان بالحاكمية الشيعية عدم اعتماد عيد الطائفة عطلة رسمية، ولا احد يعرف السبب !، حتى ولو من باب المساواة مع حقوق الاقليات مثل (الاكراد)، الذين منحتهم الدولة عطلة رسمية في عيدهم القومي الذي هو (عيد نوروز).
وكان ينبغي ان يتم اعتماد (عيد الغدير) عيداً لكافة المسلمين (سُنة + شيعة) باعتبار ان احداث هذا العيد من الثوابت المتفق عليها بين اوساط اهل الحديث والصحاح، وهو عيد يرمز في أقل تقدير الى قيم وفضائل لا تتعارض والاصول الدينية.
إن ولاية الخليفة الراشد أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب سواء جاءت بتكليف السماء او بإرادة الصحابة والتابعين، فهي في كل الاحوال خلافة وقيادة راشدة وحكيمة مثلت مرحلة من مراحل العدل الالهي، وبذلك تستحق الاحتفال والاشادة ودوام الذكر على مر السنين.
ومن الايجابيات في ذكرى عيد الغدير هذا العام الكثير من المبادرات الفكرية التي قامت بها الحوزات واساتذة العلوم الدينية والتاريخ، حيث قدموا على نحو متواصل خلال اليومين شروحات عديدة عن ذكرى الولاية ومعاني عيد الغدير، وساهمت معهم غالبية المؤسسات الاعلامية الشيعية.
ولكن من السلبيات في هذه الذكرى، محاولة السياسيين الشيعة، على وجه الخصوص، التهرب من استحقاقات الثبات على ولاية علي ابن ابي طالب، والمتمثلة بالعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والنزاهة، والاهم السعي من اجل استقلال البلاد وسيادتها على القرارات الاقتصادية والامنية والسياسية.
ومن الايجابيات وجود تحشيد شعبي جرى من خلاله صناعة جو احتفالي واسع عملت عليه عدة اوساط من بينها هيئة الحشد الشعبي، فضلاً عن دور الاهالي والعوائل الذين سعوا الى التذكير بفضائل إمام الفقراء وسيد البلغاء وفيلسوف الحكمة.
ومن السلبيات ان مليارات الدولارات جرى انفاقها على الكثير من الاشياء التافهة دون ان يتم انتاج فيلم سينمائي محترم يليق بسيرة إمام المسلمين الزاهد علي ابن ابي طالب، ولا حتى مسلسل درامي يعتد به أو حتى افلام كارتونية للاطفال.
يكفي ان امير المؤمنين علي ابن ابي طالب قد قام بنقل الخلافة من الحجاز الى ارض العراق، وجعل الكوفة عاصمة للمسلمين في العالم، ومن خلالها ولدت أولى الحضارات الاسلامية، لذا كان ينبغي الاحتفال بولاية علي على المستوى الوطني عموماً، باعتبار ان ولايته مكسب تاريخي للعراق.
ان رحلة إمام العدالة من الحجاز الى العراق في ذلك الزمان، ومن بعد تأسيس دولته واستشهاده، بلا شك قد تمت برعاية السماء وبتسيير منها، وهي رحلة تحمل الكثير من المعاني والرسالات لاصحاب الارواح الكبير التي تبحث عن الخير بعيداً عن الشر، وهو المقصود بالثبات على الولاية.