ذات‭ ‬مزاج‭ ‬سيء‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2009‭ ‬،‭ ‬قررت‭ ‬تأسيس‭ (‬نقابة‭) ‬للتعبانين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬مقرها‭ ‬الصفحة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الاخيرة‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ (‬المؤتمر‭) ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زاوية‭ ‬صغيرة‭ ‬حملت‭ ‬عنوان‭ (‬تعبانيات‭ ‬تعبان‭) ‬مخصصة‭ ‬للتعليقات‭ ‬الساخرة‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬اسئلة‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬،‭ ‬والتي‭ ‬تشبه‭ ‬ما‭ ‬تمارسه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬ضمن‭ ‬صفحة‭ (‬تسلية‭ ) ‬ولكن‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصفحة‭ ‬ذلك‭ ‬العمود‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬يتدلى‭ ‬منه‭ ‬مربع‭ ‬على‭ ‬شكل‭ (‬هوية‭) ‬شخصية‭ ‬،‭ ‬وتعلوه‭ ‬كلمات‭ ‬واضحة‭ ‬تقول‭ (‬نقابة‭ ‬التعبانين‭ ‬في‭ ‬العراق‭) ‬وتم‭ ‬وضع‭ ‬عنوان‭ ‬بريد‭ ‬الكتروني‭ ‬ورقم‭ ‬هاتف‭ ‬للمراسلة‭ ‬والاتصال‭ ‬والاشتراك‭ ‬في‭ ‬النقابة‭ ‬،‭ ‬اما‭ ‬ذلك‭ ‬المربع‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬هوية‭ ‬فيتضمن‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬المنتسب‭ ‬وشعار‭ ‬ساخر‭ ‬شخص‭ ‬متعب‭ ‬اشعث‭ ‬الشعر‭ ‬تمسك‭ ‬يده‭ ‬اليسرى‭ ‬بقدح‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬يده‭ ‬اليمنى‭ ‬تهبط‭ ‬الى‭ ‬تحت‭ ‬،‭ ‬وثمة‭ ‬ملاحظة‭ ‬غريبة‭ ‬في‭ ‬اسفل‭ ‬الهوية‭ ‬المزعومة‭ ‬تقول‭ : ( ‬تسحب‭ ‬هذه‭ ‬الهوية‭ ‬من‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نشاطه‭)‬‭ !! . ‬

اذن‭ .. ‬هي‭ ‬نقابة‭ ‬للتعبانين،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬هي‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬نقابات‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬نقابة‭ ‬طريفة‭ ‬وظريفة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬قد‭ ‬سمع‭ ‬او‭ ‬قرأ‭ ‬عن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬النقابات‭ ‬المهنية‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النقابة‭ ‬لا‭ ‬نعتقد‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬وجود‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الطريف‭ ‬اكثر‭ ‬ان‭ ‬الاسماء‭ ‬المنتسبة‭ ‬اليها‭ ‬اخذت‭ ‬بالازدياد‭ ‬،‭ ‬وصارت‭ ‬تأتيني‭ ‬يوميا‭ ‬اسماء‭ ‬جديدة‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬اعطائها‭ ‬رقما‭ ‬،‭ ‬ووصل‭ ‬الرقم‭ ‬الى‭ ‬عدة‭ ‬مئات‭ . ‬

‭ ‬لم‭ ‬اكشف‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬هذه‭ ‬النقابة‭ ‬ولم‭ ‬اعلن‭ ‬عن‭ ‬اسم‭ (‬نقيبها‭) ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أنا‭ ‬،‭ ‬اوعن‭ ‬اسم‭ ‬نائبه‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬زميلي‭ ‬المصمم‭ ‬لاعتبارات‭ ‬خاصة‭ ‬،‭ ‬لاننا‭ ‬في‭ ‬الاصل‭ ‬مختفيان‭ ‬عن‭ ‬القراء‭ . ‬

‭ ‬كتبت‭ ‬عنها‭ ‬عمودا‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ (‬ايلاف‭) ‬الالكترونية‭ ‬قلت‭ ‬فيه‭ : ‬انها‭ ‬نقابة‭ ‬وهمية‭ ‬،‭ ‬اي‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬فقط‭ ‬،‭ ‬بدأت‭ ‬الفكرة‭ ‬بمحاولة‭ ‬لخلق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المشاكسات‭ ‬المسلية‭ ‬مع‭ ‬القراء‭ ‬والتواصل‭ ‬معهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعليقات‭ ‬الظريفة‭ ‬التي‭ ‬نرد‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬اسئلتهم‭ ‬المشاكسة‭ ‬ايضا‭ ‬والتي‭ ‬تتعلق‭ ‬بأوضاع‭ ‬البلد‭ ‬واحوالهم‭ ‬الشخصية‭ ‬والقضايا‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬استهوتنا‭ ‬اللعبة‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬هذه‭ ‬الفقرة‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬،‭ ‬فراودتنا‭ ‬فكرة‭ ‬توسيع‭ ‬نشاط‭ (‬التعبانيات‭) ‬هذه‭ ‬،وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المزاح‭ ‬ارتأينا‭ ‬ان‭ ‬نصوغ‭ ‬فكرة‭ ‬اكبر‭ ‬،‭ ‬فأسسنا‭ ‬تلك‭ ‬النقابة‭ ‬التي‭ ‬لاتشبه‭ ‬اية‭ ‬نقابة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭ ‬شيء‭ ‬،‭ ‬بدأناها‭ ‬في‭ ‬الاسبوع‭ ‬الاخير‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬شباط‭ / ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬مزحة‭ ‬لاضفاء‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المرح‭ ‬،‭ ‬لكننا‭ ‬فوجئنا‭ ‬بسيل‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬يطلب‭ ‬اصحابها‭ ‬الانتساب‭ ‬الى‭ ‬النقابة‭ ‬،‭ ‬واصبح‭ ‬العدد‭ ‬يزداد‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬وصل‭ ‬لدينا‭ ‬العدد‭ ‬خلال‭ ‬الشهرين‭ ‬الى‭ ‬اكر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬منتسب‭ ‬،‭ ‬والجميع‭ ‬يقولون‭ ‬انهم‭ (‬تعبانون‭) . ‬

واضفت‭ : ‬الظاهر‭ ‬ان‭ ‬النقابة‭ ‬استهوت‭ ‬القراء‭ ‬ووجدوا‭ ‬فيها‭ ‬حاضنة‭ ‬لتعبهم‭ ‬النفسي‭ ‬والجسدي‭ ‬،‭ ‬فاغلب‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تصلنا‭ ‬من‭ ‬اشخاص‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬عاطفية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وبطالة‭ ‬،‭ ‬ويطالبون‭ ‬ان‭ ‬نجد‭ ‬لهم‭ ‬حلولا‭ ‬او‭ ‬نخاطب‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬اجلهم‭ ‬اويبحثون‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬من‭ ‬شرائح‭ ‬مختلفة‭ ‬ومن‭ ‬ضمنهم‭ ‬خريجو‭ ‬كليات‭ ‬او‭ ‬طلاب‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حزننا‭ ‬اننا‭ ‬لا‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬ايجاد‭ ‬حلولا‭ ‬لو‭ ‬نساعد‭ ‬هؤلاء‭ ‬التعبانين‭ ‬،‭ ‬فأننا‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬ربما‭ ‬تخفف‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬الضغوطات‭ ‬الحياتية‭ ‬،‭ ‬فتواصلهم‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬جوا‭ ‬من‭ ‬المرح‭ ‬خلقته‭ ‬النقابة‭ ‬الوهمية‭ ‬،‭ ‬والاطرف‭ ‬ان‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المحافظات‭ ‬يطالب‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬فروع‭ ‬للنقابة‭ ‬لكثرة‭ ‬الطلبات‭ ‬،‭ ‬والاطرف‭ ‬اكثر‭ ‬انهم‭ ‬يريدونها‭ ‬حقيقية‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬كيان‭ ‬حقيقي‭ ‬وتمارس‭ ‬نشاطها‭ ‬كأية‭ ‬نقابة‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬رسائل‭ ‬وصلتنا‭ ‬من‭ ‬البعض‭ ‬يشير‭ ‬فيها‭ ‬الى‭ ‬اعضاء‭ ‬في‭ ‬النقابة‭ ‬اصبحوا‭ ‬اكثر‭ ‬نشاطا‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬سحب‭ ‬الهوية‭ ‬منهم‭ !!‬،‭ ‬وهو‭ ‬امر‭ ‬طريف‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬البعض‭ ‬اقترح‭ ‬تأليف‭ ‬نكات‭ ‬عن‭ ‬التعبانين‭ ‬،‭ ‬وبالفعل‭ ‬وصلتنا‭ ‬نكات‭ ‬كثيرة‭ ‬تتناول‭ ‬شريحة‭ ‬التعبانين‭ . ‬

الغريب‭.. ‬ان‭ ‬رئيسا‭ ‬جديدا‭ ‬لتحرير‭ ‬الجريدة‭ ‬لم‭ ‬تعجبه‭ ‬الفكرة‭ ‬فقرر‭ ‬الغائها‭.. ‬فألغيت‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬ظلت‭ ‬الرسائل‭ ‬تصلني‭ ‬بكثرة‭ ‬الى‭ ‬أتلفت‭ (‬السيم‭ ‬كارت‭) . ‬

أطرف‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬ان‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬إلغاء‭ ‬الزاوية،‭ ‬اتصلت‭ ‬بي‭ ‬إمرأة‭ ‬على‭ ‬تلفوني‭ ‬الاخر‭ (‬الموجود‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬الجريدة‭) ‬ورجتني‭ ‬ان‭ ‬اخبرها‭ ‬عن‭ (‬تعبان‭)‬‭ ‬وما‭ ‬اخباره،‭ ‬فاستغربت‭ ‬منها‭ ‬ذلك‭ ‬وسألتها‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬،فقالت‭ ‬ان‭ ‬ابنها‭ ‬الذي‭ ‬يدرس‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬طلب‭ ‬منها‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬تعبان‭ ‬،وحين‭ ‬اخبرتها‭ ‬انه‭ ‬انا‭ ‬،‭ ‬فرحت‭ ‬كثيرا‭ ‬وقالت‭ ‬ان‭ ‬ابنها‭ ‬سيفرح‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬الاخير‭ .. ‬قالت‭ ‬ان‭ ‬لديها‭ ‬منحل‭ ‬لبيع‭ ‬العسل‭ ‬وانها‭ ‬ستهديني‭ ‬كيلوغرام‭ ‬منه‭ ‬اشتياقا‭ ‬لابنها‭ ‬ومحبة‭ ‬بي‭ ‬،وارشدتني‭ ‬الى‭ ‬العنوان‭ .. ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬اذهب‭ ! . ‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *