تشير بصراحة مطلقة، تصريحات رئيس الأركان الإيراني محمد باقري الى انَّ القصف بالصواريخ أو الطائرات سيتجدد داخل العراق، وفي منطقة إقليم كردستان تحديداً، اذا انتهت المهلة الممنوحة من طهران الى بغداد حتى نهاية شهر آب من دون أن تكون الحكومة العراقية قد نزعت أسلحة أحزاب كردية إيرانية معارضة تسميها ايران بالجماعات المعادية. التصريحات الإيرانية الجديدة توحي بأنّ القصف سيتكرر على نحو مؤكد، اذْ انّ المسألة ليست على هذه البساطة، فالمهمة الموكلة للعراق لن تكون منتهية في شهرين أو حتى سنتين، فالأحزاب الكردية المعارضة لإيران تختلط في مناطق داخل العراق وداخل تركيا ايضاً، منذ عقود طويلة، ومن شبه المستحيل تشخيصها على نحو كامل في مقارها وحركتها اليومية. كما ان أي عملية عسكرية كبيرة ضدها من قبل الجيش العراقي أو قوات البيشمركة، لو افترضنا مشاركتها في هذه العمليات، يعني البحث عن ابرة في كومة قش. وإيران تدرك قبل سواها صعوبة هذا المسار فقد سبق أن استضافت في السبعينات ما بعدها من القرن الماضي، الحركات الكردية العراقية قبل أن تصل الى الحكم في بغداد والاقليم شبه المستقل.
المشكلة في الأساس هي إيرانية، ومن التعسف تحميلها للعراق، البلد المبتلى بشتى أنواع آفات مقلقات الأمن، ولا تنقصه مشكلة جديدة.
لقد أوجد العراق حلاً للقضية الكردية التي استعصت على مختلف العهود العراقية، وذلك من خلال اول اعتراف حقيقي من بغداد بحقوق سياسية وقومية للكرد العراقيين، في اتفاق الحادي عشر من آذار1970
وإيران التي كانت تدعم في عهد الشاه وما بعده الأحزاب الكردية العراقية لنيل حقوقها القومية والسياسية، لم تتصد هي نفسها لمشكلتها الكردية الداخلية، ولا توجد معالجات سياسية لملف الاكراد في ايران، ليس لهم تمثيل سياسي في إقليم او إدارة او حكم ذاتي او حزب مرخص للعمل العلني، لذلك تتصدر المشكلة الكردية الإيرانية الى دول الجوار ومنها العراق بحكم الجوار الجغرافي.
كمراقب سياسي، أجد أنّ تهديد إيران في تجديد القصف هو جدي، ولا يمكن اعتباره بالونات لجس النبض أو الضغط.
العراق له قوات في الجيش والتشكيلات العسكرية الأخرى لكنها تواجه مسؤوليات أكبر من طاقتها، ولن يكون بمقدورها أن تمسك الحدود الوعرة والطويلة بينها وبين إيران إلا في مجالات عامة لمهمات حرس الحدود التقليدية أو بحسب عمليات موسمية خاطفة، لا توفر نجاحات دائمة لأنها بمثابة غارات، يتم استخدامها ضد بقايا تنظيم داعش ايضاً، والمسألة غير منتهية.
للكرد في ايران قضية قومية كاملة كما كان للكرد العراقيين، وان العمليات العسكرية لن تنهي قضيتهم التي لا حل لها الا بالسياسة والتفاهم