في البداية ينبغي الكشف عن حقيقة (صفقة وزارة الكهرباء) في الحكومة الحالية، والتي ذهبت من حصة اربعة كيانات سياسية شيعية، (ثلث للعصائب) و (ثلث للفضيلة) و (الثلث الثالث شراكة بين الحكيميين والصدريين)، وبالتالي صارت الوزارة مصدراً لارباح أربع شركات، وتم تكليف الوزير الحالي تحت عنوان (مستقل) من دون النظر بخبرته وكفاءته وقدرته.
وتتضح عدم كفاءة الوزير الحالي من ناحية عدم وجود (خطة وقودية) في الوزارة لتأمين وقود بديل للغاز، وهو أمر متاح لدى وزارة النفط، الامر الذي يوفر ما تحتاجه توربينات التوليد خلال فصول الصيف الحارة، ما يؤدي الى عدم تراجع الانتاج، كالذي يحصل منذ عدة أيام، وهذه مجرد ملاحظة بسيطة تكشف واقع هذه الوزارة المزري.
وتعتبر أزمة الكهرباء الحالية تحصيل حاصل للفساد المستشري في الوزارة منذ 20 سنة، والذي ضاع بسببه ما يقرب على 80 مليار دولار، وهو ما جعل الوزارة توصف بـ(الدجاجة التي تبيض ذهباً) وهو شيء معروف بين اوساط الاقتصاديات الحزبية التي تتصارع فيما بينها قبل تشكيل أي حكومة.
وبالتالي لن تكون هناك أي فائدة من عملية تحويل الاخفاقات في عمل الوزارة، التي سببها الرئيسي هو (الفساد)، الى قضية سياسية يكون محورها (شتم أمريكا)، لان هذه المناورة ستحقق نصراً إعلامياً لن يستمر اكثر من ساعات، وسينتهي هذا النصر حين يتزايد تذمر الناس بسب استمرار انقطاع الكهرباء، وهو انقطاع سيستمر بلا أدنى شك.
وبعد 72 ساعة من الان سيتضح للجميع أن (اتفاق النفط مقابل الغاز) سوف لن تترتب عليه إي مكتسبات كبرى، بقدر اتساع حجم الفساد المستشري في قطاع الطاقة، خصوصاً إذا ما علمنا أن (النفط العراقي الاسود) الذي يراد مقايضته بالغاز الايراني هو ليس (نفط اسود) بقدر ما هو (نفط خام) بجودة (نفط فنزويلا).
وتلعب (الشركة العربية) المدعومة من (تيار الحكمة) دوراً كبيراً في تجارة النفط الاسود العراقي، وتقدر ارباحها السنوية مابين (700 مليون الى مليار دولار)، وسبق أن تم ايقاف عملها خلال حكومة السيد عادل عبد المهدي، وصار هذا الايقاف أحد اسباب العداء للحكومة انذاك، ثم عادت للعمل بقرار من حكومة (كاظمي)، وهذه الشركة تشتري (النفط الاسود العراقي) بسعر 4 دولار للبرميل، في حين يتم بيع هذا النفط في بورصات دبي الموازية بسعر 55 دولار في اقل تقدير، لكونه بجودة (النفط الخام الفنزويلي ).
وتلعب في سوق النفط الاسود العراقي أيضاً (شركة قيوان)، وهي شركة مملوكة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وباعتبار أن الحزب حليف سياسي للحكومة جرى في اجتماع مجلس الوزراء الاخير اصدار قرار يجيز لوزارة الكهرباء شراء الغاز من (حقل كورمور)، الواقع في المناطق المتنازع عليها في ناحية قادر كرم بين كركوك والسليمانية، وهو حقل غازي يدار من قبل شركة دانا غاز مع الهلال الاماراتية دون أن تكون له واردات لخزينة الدولة، ومع ذلك قرر مجلس الوزراء شراء الغاز منه مع كون أرباحه ستعود للحزب حصرياً.
ويتضح حجم الضحك على الرأي العام في (اتفاق النفط مقابل الغاز) من خلال ممثل الجانب العراقي الذي وقّع على الاتفاق، وهو مكتب رئيس الوزراء، وهذا المكتب ليس لديه صفة معنوية وقانونية تنفع لتكون خصماً يدّعى عليه في المحاكم، مثل وزارة الكهرباء او وزارة النفط، باعتبار أن الاتفاق ذو جنبة مالية وفنية.
وبالتالي يعتبر توقيع مدير مكتب رئيس الوزراء (احسان العوادي) مقابل توقيع السفير الايران في بغداد (محمد كاظم الصادق) مجرد تواقيع على معاهدة لا تسمن ولا تُغني من جوع، ولا يعتد بها كاتفاقية ملزمة للبلدين جرى تسوقيها تحت عنوان (اتفاق النفط مقابل الغاز).
ومع كوننا نعرف تماماً أن الجانب الايراني سوف يستفيد كثيراً من (النفط العراقي الاسود)، لكونه سيعيد تصديره الى الصين والهند كـ(نفط خام) بخصومات مغرية، باعتبار أن الدولتين لا تكترثان كثيراً للعقوبات الامريكية التي يرتعب منعها محافظ البنك المركزي العراقي (علي العلاق)، وكذلك زميله الاخر مدير مصرف TBI (محمد الدليمي)، الذي مازال يتربح من عائدات 12 مليار يورو مودعه لدى المصرف لحساب الغاز الايراني دون أن يقوم بدفعها من خلال الوسيط الُعماني كحل أمثل.
ومن هنا تبدو معالجات الحكومة لأزمة الطاقة مجرد معالجات إعلامية تشبه الى حد ما معالجات حكومة (كاظمي) الفيسبوكية، وهي لن تقود الى شيء إلا في حال جرى مكافحة الفساد في وزارة الكهرباء بصورة عاجلة وشاملة، لكون فساد الوزارة أهم بكثير من ملف مكافحة الفساد في الانبار.
وفي الختام .. الرجاء عدم إدارة شؤون الدولة بـ(الكلاوات).