انتشرت‭ ‬ظاهرة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تمثل‭ ‬احدى‭ ‬مراحل‭ ‬الثراء‭ ‬الفاحش‭ ‬لطبقة‭ ‬مستحدثة‭ ‬من‭ ‬نتاج‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬معظم‭ ‬الشعب‭ ‬يعاني‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاته‭ ‬اليومية‭ ‬المعيشية‭. ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬فردية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وانّما‭ ‬ترعاها‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة،‭ ‬الا‭ ‬وهي‭ ‬بيع‭ ‬ارقام‭ ‬السيارات‭ ‬المميزة‭ ‬بمبالغ‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مزادات‭ ‬خاصة‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬تُباع‭ ‬أرقام‭ ‬الهواتف‭ ‬الجوّالة‭ ‬اللافتة‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬تسميات‭ ‬شعبية‭ ‬مختلفة‭ ‬ومثيرة،‭ ‬لاسيما‭ ‬الأرقام‭ ‬المبكرة‭ ‬لشركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬دخول‭ ‬لها‭ ‬الى‭ ‬خدمة‭ ‬اتصالات‭ ‬العراق‭.‬

‭ ‬الدوائر‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية‭ ‬تهدف‭ ‬الى‭ ‬رفع‭ ‬مداخيلها‭ ‬من‭ ‬مورد‭ ‬سهل‭ ‬ومتاح،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬الأموال‭ ‬مبذولة‭ ‬بيد‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬الأثرياء‭ ‬السياسيين‭ ‬ورجال‭ ‬الاعمال‭ ‬وزعماء‭ ‬بعض‭ ‬العشائر‭. ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬تمتلك‭ ‬آليات‭ ‬تدقيق‭ ‬في‭ ‬الاموال‭ ‬المصروفة‭ ‬من‭ ‬أصحابها‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬الأرقام‭ ‬المنسجمة‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬الباذخة‭ ‬التي‭ ‬ينعمون‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬تيار‭ ‬كهرباء‭ ‬يليق‭ ‬بالمستوى‭ ‬البشري‭ ‬الابتدائي‭ ‬وليس‭ ‬الصناعي‭ ‬او‭ ‬الإنتاجي‭ ‬العالي‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭. ‬وهل‭ ‬تقبل‭ ‬لجان‭ ‬البيع‭ ‬في‭ ‬المزادات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأموال‭ ‬نقدا‭ ‬ام‭ ‬عبر‭ ‬شيكات‭ ‬مصدّقة‭ ‬من‭ ‬أرصدة‭ ‬معروفة؟‭ ‬تلك‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدقق‭ ‬فيها‭ ‬هيئة‭ ‬النزاهة‭ ‬الاتحادية‭ ‬قبل‭ ‬سواها‭.‬

‭ ‬هنا،‭ ‬لا‭ ‬اتحدث‭ ‬عن‭ ‬الطبقية‭ ‬المتفاوتة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مريع‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر‭ ‬المترفة‭ ‬سببا‭ ‬مباشرا‭ ‬في‭ ‬تعميقها‭ ‬بسهولة،‭ ‬تاركة‭ ‬آثاراً‭ ‬سلبية‭ ‬سوف‭ ‬تزعزع‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭.‬

هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بالبلد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬في‭ ‬الأقل،‭ ‬ربما‭ ‬ننتظر‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬للعراق‭ ‬مياه‭ ‬صالحة‭ ‬للشرب‭ ‬كافية‭ ‬لكل‭ ‬بلدة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مراكز‭ ‬المدن‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وربّما‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬كهرباء‭ ‬تنقذ‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الصيف‭ ‬اللاهب،‭ ‬بشكل‭ ‬مستقر،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬عشوائيات‭ ‬المولدات‭ ‬ومخاطرها‭ ‬و»لغاوي‮»‬‭ ‬أصحابها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حي‭ ‬ومدينة‭. ‬

ربما‭ ‬كان‭ ‬الامر‭ ‬مقبولاً‭ ‬مرحلياً،‭ ‬لو‭ ‬انّ‭ ‬الأموال‭ ‬المستحصلة‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬الأرقام‭ ‬المميزة‭ ‬كانت‭ ‬ذاهبة‭ ‬لبناء‭ ‬مسابح‭ ‬شعبية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حي‭ ‬سكني‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬اثار‭ ‬موجة‭ ‬الحر‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬وللتقليل‭ ‬من‭ ‬حوادث‭ ‬غرق‭ ‬الأولاد‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬الأنهار‭ ‬والمسطحات‭ ‬المائية‭ ‬خلاصا‭ ‬من‭ ‬لهيب‭ ‬الصيف؟

اعرف‭ ‬انّ‭ ‬مظاهر‭ ‬الترف‭ ‬الفاحش‭ ‬تتجاوز‭ ‬الأرقام‭ ‬المميزة‭ ‬لطبقة‭ ‬تحتمي‭ ‬تحت‭ ‬ظلال‭ ‬سياسية‭ ‬لا‭ ‬تخفى‭ ‬على‭ ‬احد،‭ ‬وباتت‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر‭ ‬تغزو‭ ‬العراق‭ ‬وتدخل‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬ثقافة‭ ‬هجينة‭ ‬عليه،‭ ‬وهو‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الصفة‭ ‬المهيمنة‭ ‬في‭ ‬توصيف‭ ‬شعبه‭ ‬هي‭ ‬الفقر‭ ‬في‭ ‬الاعم‭ ‬الأغلب‭.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *