نسمعُ كثيراً عن المصالح الخاصة والعامة وما يحملهُ هذا العنوان من أبعاد وأثار سلبية وإيجابية، وما يثير القلق والريبة السلبي منها حيث طغى بشكل كبير على صفاء ونقاء العلاقات القائمة بين الأفراد والجماعات تحت عنوان المصالح المشتركةِ من دون وجود قاعدة قوية ترتكزُ عليها هذه العلاقات وتُحدد مساراتها وتبحث في نتائجها حتى لا نقع بالمحذور الذي شوه وفكك وفتت هذا العنوان الى مصالح غير صحية وبعيدة كل البعد عن القيم والأخلاق التي كانت تستند إليها، حيث كانت البداية الفردية للانسان هي الاعتماد على النفس بشكل مباشر في قضاء حوائجه لكن سرعان ما انخرط تبادل المنفعة مع الاخر وهكذا تحول الحال إلى تواصل وتعاون متبادل مشروط بانتفاع عادل للطرفين، لكن اختلفت العلاقة عندما تبدلت النوايا الصادقة وتغيرت الاسس والقواعد والسياقات المبنية عليها لتتحول إلى صفقات ومغانم وفرص مشبوهه لا تمت للمصالح بصلة وباتت بوابة لدخول الانتهازيين والمنتفعين، وتوسعت هذه الدائرة لتشمل العلاقات الدولية والمجتمعية مما أفرغ العلاقات المبنية على الصداقة والتعاون من محتواها الى علاقات مصلحية وصفقات تجارية خاضعة لاتفاقات مرحلية سرعان ما تتلاشى أمام اي صفقة جديدة ، وقد انسحب هذا الأمر على العلاقات الفردية فيما بينهم بشكل نسف القواعد المعتمدة منذ عهود طويلة وبانت الأمور اليوم أكثر بؤسا ووقاحة عندما ترى مقدار التزلف والتملق والمداهنة هي الحاكمة اليوم في رسم العلاقات الشخصية حتى تجاوزت حدود اللياقة والكياسة الهيبة، فترى المصالح المادية قد طغت على القيم والصداقة والأمانة وبات الخذلان والغدر وارد ومتوقع لمجرد ما تنقضي المصلحة وتنتهي العلاقة، وهنا نستوقف الكثير من الأمور التي تحتاج إعادة النظر قبل الشروع ببناء علاقة ممكن أن تكون عامل تعاسة وندم بدل أن تكون علاقة محترمه ورصينة، وضرورة انتقاء الأصدقاء بعناية بإعادة التذكير بالمواقف المشرفة والقصص المعبرة التي سطرها الجيل السابق من آبائنا واجدادنا لتكون قدوة وشاهد ماثل أمامنا في ترسيخ القيم والعادات الحسنة التي كانت ولازالت معمول بها ولو بشكل ضيق، وعلينا أيضا نشر التجارب المثالية في العلاقات والتذكير بها والترويج لها في كل محفل ومساحة من أجل إعادة الثقة في تهذيب وتنقية العلاقات ونقد ورفض كل المصالح المبنية على انتهاز الفرص وتحقيق المأرب الرخيصة، ولو دخلنا في تفاصيل أكثر نصل الى مرحلة الاشمئزاز على القصص المريبة التي ظاهرها علاقة احترام وباطنها غايات دنيئة سرعان ما تنتهي بفشل وزعل من قبيل المناصب والمكاسب التي كانت سبباً كبيراً لتخريب العلاقات وأسس لعادات وسلوكيات سمجة ومقززة ومعيبة حتى ضاعت كلمة الحق وسط زحمة الباطل وغاب النصح والردع وباتت الغاية تبرر الوسيلة عند الانتهازيين وأصحاب المصالح المريبة الذين يقدمون كل فروض الزحف والانبطاح لتحقيق نواياهم وبمجرد ما يحصلون عليها تجدهم ينقلبون على أنفسهم قبل غيرهم للبحث عن فريسة أخرى وهكذا…