في الحلقة الماضية ذكرت ثلاث عوامل رئيسة(الرسالة،الرسول،والتنظيم) ساهمت في أبراز قوة المنظمات الميمية وخطابها الأعلامي. هذه العوامل الثلاثة تضافرت لأنتاج خطاب مرغوب حتى من المنظمات التي لا تؤمن بمبادىء الميميين وخطابهم. لقد بات تبني هذا الخطاب أحد أهم أسرار النجاح لكثير من المنظمات. لا بل أن منظمات دعم المثليين والأعلام المساند لها برعت في الترويج لقصص نجاح الشركات والمنظمات التي تبنت خطاب وسياسات الميميين،واليكم هذه الأمثلة. نشرت غرفة التجارة الأميركية دراسة عام 2019 تثبت أن أنجح الشركات الأميركية هي تلك التي تتبنى سياسات موارد بشرية صديقة للميميين. كما نشر موقع فوربس Forbes المختص بالشركات الناجحة والعملاقة دراسة عن 700 شركة أميركية ناجحة تبنت سياسات مساندة للمثليين وحققت أرباحاً أكثر من تلك التي لا تساند المثليين! لا بل أن أهم الدوريات العلمية في مجال أدارة الأعمال Harvard Business Review نشرت دراسة تؤكد أن الشركات الناجحة في |أعمالها هي تلك التي تتبنى سياسات مساندة للميميين. نحن أذاً أزاء منتَج ناجح دعائياً وتسويقياً يتبناه رُسٌل ناجحون ويتماشى مع روح العصر الذي يؤمن بالمساواة والتطور والأنسانية. أكثر من ذلك فأن هذه الرسالة تتماشى مع متطلبات وأهداف أهم أربع صناعات تقود الأعمال والأقتصاد والمجتمع والسياسة اليوم. أن أكبر عشر داعمين للميميين هم من هذه الصناعات أو القطاعات الأربعة. فما هي هذا الصناعات وكيف دعمت الميميين وأستفادت من هذا الدعم؟
1. الأعلام. مدعوماً بالثورة الرقمية والأنترنت شهد الأعلام تحولاً كبيراً في أنماط الأستهلاك الأعلامي مبتعداً عن الأدوات التقليدية للأعلام(الصحافة الورقية،والأذاعة والتلفزيون) التي تحتضر اليوم. مقابل ذلك صار الفضاء الألكتروني هو الحيز الذي تستخدمه كل أنواع الصحافة المقرؤة والمكتوبة والمرأية. حتى في دولة غير متقدمة مثل العراق فأن نسبة متابعة الأخبار عبر وسائل الأعلام التي تستخدم الأنترنت تجاوزت 70%. ومعظم مستخدمي الأنترنت هم من الشباب ممن تقل أعمالاهم عن الأربعين وهي ذات الفئة التي تقدم الدعم الأكبر للمثليين. ففي الوقت الذي يعرّف 7% فقط من الأميركان أنفسهم كمثليين ترفع النسبة بين الشباب لتصل الى 25% بين من هم أقل من 40 سنة. وفي الوقت الذي يجد فيه 15% فقط من العراقيين أن المثلية مبررة فأن النسبة ترتفع بين الشباب لتصل الى 30% تقريباً. هؤلاء هم جمهور السوشيال ميديا الذين لا تريد وسائل الأعلام الحديثة معاداتهم أو تقديم مواد تثير حفيظتهم. تشير الوقائع أن يوتيوب مثلاً ،وبعدما أدركت أن جزء من جمهورها هم من الميميين،نشرت أعلاناً في عام 2013 تدعوهم فيه لأرسال فيديوات تحث أمثالهم من المحبطين في المجتمع على أن لا ينتحروا. وفعلاً تم تحميل آلاف الفيديوات وتداولها مما عاد على الشركة بأرباح كثيرة. هنا يجب أن لا ننسى أن أعضاء هذه المجاميع كانوا منبوذين حتى في المجتمعات الغربية وكانوا يخفون هوياتهم الجنسية ولا يعبرون عن آرائهم في مجتمعاتهم الحقيقية علناً،لكن الأنترنيت مكنهم من الأفصاح عن هوياتهم وميولهم وآرائهم دون الخشية من أفتضاحهم أو ملاحقتهم. لذا كانت هذه الشريحة على قلتها العددية نشطة ومساهمة جداً في صناعة محتوى يتوافق مع أتجاهاتهم عبر السوشيال ميديا. هنا أود التذكير كيف كان عدد المجلات الأباحية في شبابنا قليل لكنها كانت تُتداول بكثرة من قبل الشباب بسرية تامة. أنطلاقاً من هذا الفهم لدور ونشاط الميميين على شبكات التواصل والأعلام الألكتروني، نفهم كيف أن قطب الأعلام الملياردير جورج سوروس George Soros والذي يمتلك على سبيل المثال لا الحصر الواشنطن بوست ونيويورك تايمز والأسيوشيتد برس والسي ان ان هو أحد كبار داعمي الميمية وتعد منظمته المسماة آركوس Arcus من أكبر منظمات مجتمع الميم والممولة له!