هناك فرعون اكبر وفراعنة صغار . في كل وطن فرعون ومنافقون .. الفراعنة الصغار في خدمة الفرعون الأكبر فلولا رضاه عنهم ما بقوا يتفرعنون في اوطناهم . هم فراعنة على شعوبهم ، على الفقراء ، على من لا حول لهم ولا قوة لكنهم اقزم من الأقزام واجبن من الجبناء عند سيدهم وفرعونهم الذي يتلقون منه الاوامر والشروط والايعاز بالإيماء والإيحاء وحتى الهمس . عبر السفارة والسفير .. عبر الإتصال والتصريح . المشكل في الأمر إن هؤلاء الفراعنة الصغار توهموا فتقمصوا وهم الألوهية من فرعونهم الأكبر . يكذبون على أنفسهم ويصدقون ما يكذبون . لا يعتبرون بأسلافهم ولا يبصرون ما حولهم ولا يحسبون لما سيأتي لهم . ما ينمي بهم حالة الوهم والطغيان وجنون العظمة هم المنافقون والمتملقون بين مستشار وخبير وناطق ووزير فضلا عن الهمج الرعاع الناعقين بالهتاف لهم . انهم يختلقون لهم الألقاب والاوصاف والاعذار والأسباب وكل ما يجعل منهم اصناما يعبدون من جموع البهائم بل من هم اضل سبيلا . نعم لكل وطن فرعون ولكل زمن هامان .. فقد كان فرعون الاول شخصاً عاديّا مثل أيّ زعيم من زعماء الوطن لكن وزيره الأول ومستشاره هامان كان ذكيّا جداً مثل أيّ وزير او مستشار عراقي في اي زمن ومع أي زعيم حتى انه كان مفتاح الحل لجميع المشاكل وكلّما وقع فرعون في مصيبة أخرجه منها هامان !! في أحد الأيّام جاءت عجوزٌ تريد مقابلة فرعون لكي يحيي لها عنزتها الميّتة لأنّ فرعون كان يدعي أنّه ربهم الاعلى وإنه يُحيي ويُميتُ ! رحب بها هامان واجلسها في غرفة بجوار القاعة الرئاسية واخذ منها العنزى الميتة ودخل بها إلى ممر يؤدي الى حديقة القصر وجاء بعنزة وأعطاها لها بدلاً من عنزتها التي ماتت وقال لها ان فرعون يعتذر عن لقاءك لإن سيادته مشغول الآن بخلق الإبل .في ذلك اليوم كان فرعون نائما يغط في شخيره واستيقظ في ساعة متأخرة قبل غروب الشمس . سأل هامانَ عن يومه فأخبره بقصة العجوز التي جاءت تطلب مقابلته لإحياء عنزتها الميّتة ففزع فرعون واشرأبت عيناه وصرخ به ويحك وماذا قلت لها ؟
قال له هامان ، إطمئن يا صاحب الفخامة فقد أعطيتها عنزة وقلت لها أنّكَ تعتذر عن مقابلة المواطنين خلال هذه الفترة لآنك مشغولٌ بخلق الإبل .هنا تنهّد فرعون بعمقٍ وقال: آه لو تعلمُ يا هامان كم هو متعب وصعب خلق الإبل ..
هنا تبسم هامان وقال قولته المشهورة: (على هامان ، يا فرعون ) .