منذ العملية الإرهابية في (حرم شاه چراغ)التي قام بها تنظيم داعش في العام الماضي ،وحتى العملية الثانية في الأسبوع الماضي؛إعتقلت وزارة الأمن الإيرانية(196)داعشياً.
لقد جاؤوا زرافات ووحدانا إلى إيران ،وكانت زمرهم تتوزع الأدوار ؛ فقد كان بعضهم يقوم بتجنيد الأفراد خارج إيران وداخلها، وبعضهم يعمل على جمع المعلومات وبعضهم يعمل على التخطيط ورسم العمليات ،وآخرين يعملون على توفير الإمكانيات المالية والسكن والنقل،وجهات خارج الحدود تعمل على إصدار الأوامر لهم .
هذه العمليات والأعمال تتسم بطابع عدائي ،وألغت من قاموسها الدعوة السلمية أو الأعمال التي تنفع الناس .
إنّهم يتقربون إلى الله بتعذيب الآخرين وسفك دمائهم؛وتنظيمهم المتوحش يعيش على آلام الناس وأحزانهم .
العمليتان اللتان نفذهما تنظيم داعش في حرم أحمد بن موسى (شاه چراغ) محافظة شيراز؛إعتمد فيهما بشكل كبير على العناصر الأجنبية وخصوصاً من دول الجوار مثل آذربيجان ،وأفغانستان وطاجيكستان .
كانت العملية الأولى في العام الماضي ـ والتي نفذها داعشي من جمهورية آذربيجان ـ قد إستغرقت حوالي (5) دقائق ،وحصدت أرواح (13)شهيداً،و(30)جريحاً، فيما العملية الثانية إستغرقت حوالي دقيقة واحدة وراح ضحيتها شهيدان وسبعة جرحى .
في العملية الإرهابية الثانية كان الداعشي الطاجيكستاني قد أعد عدته وحشى شواجيره بـ (300)طلقة ليقتل أكثر عدد من الناس المصلين الآمنين ،لكن الفريق الأمني والناس قد نزعوا منه فرصته الدموية .
يالها من ضلالة قد خاب فيها فأل الدواعش، وخسروا فيها صفقتهم ،وفازوا فيها بالخسران المبين :(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً).
من المفارقات أن تنظيم داعش (الجهادي) قد خلت صحفه من عملية واحدة ضد الصهاينة ،ولم يقم بإصدار بيان واحد ضد المجازر الصهيونية في فلسطين ، بل لم يطلقوا رصاصة واحدة ،ولم يقدموا شهيداً واحداً لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم !
وفي مقابل قد سل تنظيم داعش سيف البغي ضد المسلمين وخاصة أولئك الذين يحاربون المشاريع المشبوهة في البلاد الإسلامية.
في الوقت الذي تعمل الجمهورية الإسلامية الإيرانية على إفشال المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة يأتي تنظيم داعش ليكون أداة ضد الجمهورية الإسلامية .وفي الوقت الذي تم فيه طرد الأمريكان من باب العراق العريض يأتي تنظيم داعش ليكون وسيلة ليدخلهم من جديد إلى العراق وسورية .وفي الوقت الذي يشدد الإسلام على حرمة دماء المسلمين ،نجد الإستهتار والتساهل في حرمة دمائهم من قبل التنظيمات المنحرفة.
وفي الوقت الذي يوصي الإسلام بأن لايقطعوا شجرة أوغصناً ولا يخربوا عمراناً ولايعقروا ناقة أو بهيمة وغيره من التعاليم تأتي داعش لترهب الناس الآمنين ،وتقوم بتخريب المساجد بل تأتي لتقتل الركع السجود فيها !!!
في عملياتهم الإرهابية قد اتبعوا أثر كل مدبر فرشقوه برصاصهم، وقتلوا الأسرى ،وأجهزوا على الجرحى ،ودففوا على النساء،ثم باعوها بالثمن الأوكس في أسواق النخاسة ،ولم يسلم منهم حتى الأطفال في مهدهم .
إنّها مخالفة صريحة لتعاليم الشريعة السهلة السمحاء.إنّها مخالفة لمروءة الزمان.إنّها أخلاق الحرب عند تنظيم داعش قد أخذوها من تلك النصوص المتوحشة،فطبقها أولئك الفحول الذين قدموا من حياة البداوة والصحراء .
كم من عابدٍ في مسجد أتت عليه شواظ من نار داعش؟!،وكم من بريء يشهد الشهادتين أو يؤمن بوحدانية الله قد أتى عليه طيش داعش وبطشها؟!.
وكم من إنسان بريء يعيش آمناً في بلدته قد روعوه وأكرهوه على ما لايعتقد ؛مع ان الإسلام يقول :(لا إكراه في الدين) ،ولم يبح حتى للرسول الأعظم أن يُكره الناس على الايمان :(أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)،بل نزلت (سورة الكافرون)لتنهي الجدل والخصام والفصام مع غير المحاربين بلا قتال ،وتقول :(لكم دينكم ولي دين ).
وقفوهم إنّهم مسؤولون عن دماء آلاف الأبرياءـ الذين منحهم الله حق الحياة ـ لكن داعش وهبتهم الموت الزؤام .لا أدري هل فكر الداعشيون وتأملوا للحظة أو رجعوا إلى أنفسهم فسألوها :كيف لله الخالق البارئ المصور أن يخلق خلقاً ويُسخر له الأرض ،ثم يذره لداعش أن تتصرف فيه قتلاً (حرقاً أو خنقاً أو غرقاً )وتمثيلاً ؟!
إنّ رحمة الإسلام وسماحته لم تكن وقفاً على المسلمين؛بل هي رحمة للعالمين ،فلماذا تحتكرها داعش بأنانية مفرطة لنفسها ؟!ولماذا تتنكّب داعش السلاح وتعتبره لغتها الغالبة والمفضلة ؟!
لقد أخذ هذا التنظيم الإرهابي تعاليمه وتربيته الناقصة من علماء السوء فأستباحوا دماء المسلمين .إنّ قتل النفس البريئة مهما كانت هويتها الدينية والمذهبية محرم :(من قتل نفساً بغير نفس ..فكأنما قتل الناس جميعاً) إنّها نفس لم تحدد هويتها عربية أو أعجمية؛شيعية أو سنية أو مسيحية وغيرها من الديانات ،لكن علماء الشّر الذين إستباحوا قتل المسلم لمجرد عدم النية في الصلاة قد أباحوا لهم قتل النفس التي تتوجه إلى الله !!!.
أعتقد أننا بحاجة إلى محاربة فكر التكفير عند داعش وغيره من خلال إستهداف متبناياتهم وأسسهم والتي تخالف روح الإسلام ووسائله وأهدافه .