قبل‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬السنوات،‭ ‬أطلقتُ‭ ‬العنان‭ ‬لجناحيّ‭ ‬المكبلَّتين‭ ‬بعيون‭ ‬المخبرين‭ ‬وشظايا‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬سلبتني‭ ‬القدرة‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬النوم‭ ‬باطمئنان؛‭ ‬وسط‭ ‬مناخ‭ ‬ثقافي‭ ‬مُخيف‭ ‬تُهيمن‭ ‬عليه‭ ‬العسكرتارية،‭ ‬أُرغمنا‭ ‬على‭ ‬الخنوع‭ ‬لأوامرهِا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬شعر‭ ‬المديح‭ ‬يباع‭ ‬علناً‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬حسن‭ ‬عجمي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شعراء‭ ‬القصيدة‭ ‬العمودية‭ ‬المتخمة‭ ‬بالرياء،‭ ‬مقابل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مكارم‭ ‬القصر‭ ‬الرئاسي،‭ ‬ولكي‭ ‬أنجو‭ ‬من‭ ‬الاضطهاد‭ ‬والإذلال‭ ‬قرَّرتُ‭ ‬الفرار‭ ‬بجناحين‭ ‬جريحتين‭ ‬راكلاً‭ ‬جميع‭ ‬الامتيازات‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أتمتعُ‭ ‬بها،‭ ‬ويوم‭ ‬غادرت‭ ‬الوطن؛‭ ‬راهنوا‭ ‬على‭ ‬عودتي‭ ‬كوني‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بعائلة‭ ‬ومغريات‭ ‬مادية‭ ‬كنتُ‭ ‬أحصل‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شهر،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنَّ‭ ‬الاختناق‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يجثم‭ ‬على‭ ‬صدري‭ ‬دفعني‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬هدف‭ ‬الحرية‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬الوراء؛‭ ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬شباط‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬وجدتُ‭ ‬جميع‭ ‬أصدقائي‭ ‬المبدعين‭ ‬بانتظاري‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬السنترال،‭ ‬وأقول‭ ‬الآن‭ ‬لقد‭ ‬جاهدنا‭ ‬طويلاً‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬بياض‭ ‬الشعر‭ ‬ونجحنا‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬برغم‭ ‬عمرنا‭ ‬المرعوب‭ ‬والمتشظي‭ ‬على‭ ‬السواتر‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬الموت،‭ ‬كُنَّا‭ ‬حينها‭ ‬نكتب‭ ‬القصائد‭ ‬معفَّرةً‭ ‬برائحة‭ ‬الدماء‭ ‬وغيوم‭ ‬دخان‭ ‬القنابل‭ ‬وأنين‭ ‬واستغاثات‭ ‬خوذ‭ ‬الجنود‭ ‬وموشَّحةً‭ ‬بعويل‭ ‬الأمهات،‭ ‬كان‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬حينها‭ ‬يتفادى‭ ‬انهمار‭ ‬الشظايا‭ ‬على‭ ‬قصائده‭ ‬الهلعة‭ ‬بالعناد‭ ‬والمكابرة،‭ ‬وكانت‭ ‬قصيدة‭ ‬النثر‭ ‬تقاوم‭ ‬بشراسة‭ ‬صدود‭ ‬وظلم‭ ‬وإهمال‭ ‬المؤسسة‭ ‬الثقافية،‭ ‬حتى‭ ‬اشرأبت‭ ‬بعنقها‭ ‬من‭ ‬مزاغل‭ ‬الخنادق‭ ‬برغم‭ ‬أنينها‭ ‬وحصارها؛‭ ‬وتمكَّنتْ‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬حضورها‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬حُمَّى‭ ‬انتشارها‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬الوسط‭ ‬الثقافي،‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شاعر‭ ‬يعود‭ ‬من‭ ‬جبهات‭ ‬النار‭ ‬إلاَّ‭ ‬وكانت‭ ‬جعبته‭ ‬مزدحمة‭ ‬بقصائد‭ ‬النثر‭ ‬التي‭ ‬اينعت‭ ‬ثمار‭ ‬شجرتها‭ ‬المدهشة‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬الشعر‭ ‬العراقي،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الثانية‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أنْ‭ ‬تلوي‭ ‬ذراع‭ ‬قصيدة‭ ‬النثر‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتقدم‭ ‬كفرس‭ ‬جموح،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬الجوع‭ ‬الذي‭ ‬فتكَ‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬الحصار‭ ‬أرغمنا‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬أقلامنا‭ ‬الإبداعية‭ ‬واستبدلنا‭ ‬تلك‭ ‬الأقلام‭ ‬المضيئة‭ ‬والنافرة‭ ‬بطباشير‭ ‬الفحم‭ ‬والتي‭ ‬صارت‭ ‬تدوّن‭ ‬الرياء‭ ‬والزيف‭ ‬والمديح‭ ‬المخادع‭ ‬أملاً‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬هبة‭ ‬رئاسية‭ ‬تسدُّ‭ ‬رمق‭ ‬عوائلنا‭ ‬التي‭ ‬هشَّمها‭ ‬العوز‭ ‬والحرمان‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬السنوات‭ ‬ظلما‭ ‬وجوراً‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭. ‬أجل‭ ‬اغتيل‭ ‬الشعر‭ ‬العراقي‭ ‬بوقاحةٍ‭ ‬ودون‭ ‬حياءٍ‭ ‬أو‭ ‬رحمةٍ‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬حصار‭ ‬قاسية‭ ‬ولعينة،‭ ‬وكانت‭ ‬الضحية‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬براءة‭ ‬الشعر‭ ‬العراقي‭ ‬وانطفاء‭ ‬سطوعه‭ ‬الباهر‭ ‬وقد‭ ‬أبيدَ‭ ‬من‭ ‬قبلنا‭ ‬مرغمين،‭ ‬كُنَّا‭ ‬أمام‭ ‬خيارين‭ ‬كلاهما‭ ‬مُرّ،‭ ‬أمَّا‭ ‬الاستسلام‭ ‬للجوع‭ ‬حتى‭ ‬يفتكُ‭ ‬بنا‭ ‬أو‭ ‬مغازلة‭ ‬الجلاّد‭ ‬حتى‭ ‬نسدُّ‭ ‬رمقنا،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬هو‭ ‬منقذنا‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الحرجة،‭ ‬ربما‭ ‬البعض‭ ‬ظلَّ‭ ‬ساكناً‭ ‬منزوياً‭ ‬في‭ ‬عزلته‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬عيون‭ ‬المخبرين‭ ‬وقد‭ ‬أسعفهُ‭ ‬دخله‭ ‬الشهري‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬الاختبار‭ ‬العسير،‭ ‬وهو‭ ‬يحصل‭ ‬بالكاد‭ ‬على‭ ‬قوت‭ ‬يومه‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬حرَّة‭ ‬وأخرى‭ ‬شاقة،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬الشاعر‭ ‬هو‭ ‬الضحية‭ ‬والجلاد،‭ ‬لقد‭ ‬حاولتُ‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬المريرة‭ ‬من‭ ‬الحصار،‭ ‬أنْ‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬قوتي‭ ‬اليومي‭ ‬من‭ ‬عربة‭ ‬جوّالة؛‭ ‬كنتُ‭ ‬أبيع‭ ‬البيض‭ ‬المقلي‭ ‬على‭ ‬الجنود‭ ‬فجراً‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الطيران،‭ ‬لكنَّ‭ ‬الإعياء‭ ‬استولى‭ ‬على‭ ‬جسدي‭ ‬وخذلني‭ ‬من‭ ‬الاستمرار،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬نهشتْ‭ ‬الحرب‭ ‬عنفوان‭ ‬شبابي‭ ‬وعزيمتي‭. ‬أصبح‭ ‬الشاعر‭ ‬بوقاً‭ ‬في‭ ‬النهار‭ ‬وجلاداً‭ ‬يصفعُ‭ ‬ضميره‭ ‬حين‭ ‬يجنُّ‭ ‬الليل،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحنا‭ ‬مثل‭ ‬مهرجين‭ ‬في‭ ‬سيرك‭ ‬الديكتاتور؛‭ ‬إذْ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أمامنا‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الطاعنة‭ ‬بالجور‭ ‬والتهديد‭ ‬والوعيد‭ ‬والظلم؛‭ ‬ويؤسفني‭ ‬أنَّ‭ ‬حلبة‭ ‬الشعر‭ ‬النبيلة‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬مسرح‭ ‬للمهرجين‭ ‬والأفَّاقين‭ ‬وأنصاف‭ ‬الموهوبين‭. ‬أصبحتْ‭ ‬حرفة‭ ‬كتابة‭ ‬قصائد‭ ‬المديح‭ ‬مهنة‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬صنعة‭ ‬لهُ،‭ ‬وكنا‭ ‬نحن‭ ‬طائفة‭ ‬الشعراء‭ ‬الصعاليك‭ ‬المعذّبين‭ ‬بحاجة‭ ‬قصوى‭ ‬لقارورة‭ ‬ابنة‭ ‬الكروم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬مغشوشة‭ ‬تزيحُ‭ ‬عن‭ ‬كاهلنا‭ ‬همومنا‭ ‬الكثيفة،‭ ‬نحصل‭ ‬عليها‭ ‬مقابل‭ ‬كتابة‭ ‬قصيدة‭ ‬كاذبة‭ ‬تمجّد‭ ‬الجلاّد،‭ ‬كرهتْ‭ ‬جلودنا‭ ‬المدبوغة‭ ‬بشمس‭ ‬تموز‭ ‬وبرد‭ ‬شباط‭ ‬أسمالنا‭ ‬البالية‭ ‬التي‭ ‬تخضَّبتْ‭ ‬بالدمع‭ ‬والهلع‭ ‬والدخان،‭ ‬وسئمتْ‭ ‬بطوننا‭ ‬الخاوية‭ ‬من‭ ‬جوعها‭ ‬المستديم،‭ ‬وغدونا‭ ‬نتقاسم‭ ‬السيجارة‭ ‬الواحدة‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬معتقل؛‭ ‬فلقد‭ ‬أغلق‭ ‬الجلاَّد‭ ‬جميع‭ ‬المنافذ‭ ‬بوجوهنا؛‭ ‬ولكي‭ ‬نبقى‭ ‬تحت‭ ‬رحمته‭ ‬وعلى‭ ‬قيد‭ ‬العذاب،‭ ‬ترك‭ ‬لنا‭ ‬نافذة‭ ‬واحدة‭ ‬ازدحم‭ ‬فيها‭ ‬الرياء‭ ‬والوحل‭ ‬والنفاق،‭ ‬لقد‭ ‬تلطَّختْ‭ ‬وجوهنا‭ ‬بالسخام‭ ‬رغماً‭ ‬عن‭ ‬أنوفنا،‭ ‬فأمّا‭ ‬يكون‭ ‬قلمك‭ ‬متملقاً‭ ‬وأمّا‭ ‬تنام‭ ‬على‭ ‬رصيفٍ‭ ‬ويتلقَّى‭ ‬جسدك‭ ‬المنهوك‭ ‬بصاق‭ ‬وركلات‭ ‬عسس‭ ‬الليل،‭ ‬ولذا‭ ‬تورطنا‭ ‬وسلكنا‭ ‬درباً‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نريدها،‭ ‬والقصر‭ ‬الرئاسي‭ ‬والمؤسسة‭ ‬الثقافية‭ ‬والناس‭ ‬يعرفون‭ ‬جيداً؛‭ ‬أنَّ‭ ‬ماكتبناه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬قلوبنا؛‭ ‬بلْ‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬حرماننا‭ ‬وقيح‭ ‬أوجاعنا‭ ‬المزمنة،‭ ‬واليوم‭ ‬أرى‭ ‬أنَّ‭ ‬المؤسسة‭ ‬الثقافية‭ ‬تمعنُ‭ ‬بفشلٍ‭ ‬ذريعٍ،‭ ‬مادام‭ ‬الذي‭ ‬يجلس‭ ‬على‭ ‬كراسيها‭ ‬من‭ ‬أنصاف‭ ‬الموهبين؛‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬جاءت‭ ‬بهم‭ ‬المحاصصة،‭ ‬ومع‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬أغدقت‭ ‬على‭ ‬أحوال‭ ‬الثقافة‭ ‬بعد‭ ‬إزاحة‭ ‬الجلَّاد،‭ ‬لكنَّ‭ ‬الإبداع‭ ‬ظلَّ‭ ‬كسيحاً‭ ‬ويثير‭ ‬الشفقة؛‭ ‬لم‭ ‬ألمس‭ ‬ثقافة‭ ‬رصينة‭ ‬تجترح‭ ‬مشكاة‭ ‬الإبداع،‭ ‬وكل‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬هو‭ ‬زراعة‭ ‬بذور‭ ‬زائفة‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬سراب،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬قد‭ ‬أرغمنا‭ ‬نكون‭ ‬مثل‭ ‬دُمى‭ ‬تحركها‭ ‬خيوط‭ ‬الطاغية،‭ ‬لكننا‭ ‬كنا‭ ‬نتحيَّن‭ ‬غفلة‭ ‬الرقيب‭ ‬الأمني‭ ‬ونقطع‭ ‬جميع‭ ‬الخيوط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدويننا‭ ‬لنص‭ ‬مضيء‭ ‬وصادق‭ ‬يعشي‭ ‬عيون‭ ‬المخبرين‭ ‬والقصر‭ ‬الرئاسي،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬لم‭ ‬نر‭ ‬قصيدة‭ ‬تفوقَّتْ‭ ‬على‭ ‬كاتمٍ‭ ‬أو‭ ‬حزام‭ ‬ناسف‭ ‬أو‭ ‬مفخخة،‭ ‬وإنمَّا‭ ‬نرى‭ ‬قصيدة‭ ‬عمودية‭ ‬لاقيمة‭ ‬لها‭ ‬تنفجر‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬ساذج‭ ‬أو‭ ‬أصبوحة‭ ‬شاحبة‭ ‬مثل‭ ‬حاضريها؛‭ ‬صحيح‭ ‬أنَّ‭ ‬الجميع‭ ‬يكتبون‭ ‬ولكن‭ ‬بدون‭ ‬هاجس‭ ‬الإبداع‭ ‬وبمنأى‭ ‬عن‭ ‬تخوم‭ ‬الجمال‭ ‬والدهشة،‭ ‬فوضى‭ ‬مطفأة‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬انكسارها‭ ‬تلك‭ ‬الأقلام‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تبلغ‭ ‬سن‭ ‬النضج‭ ‬والألم‭ ‬والتدوين،‭ ‬أقلامٌ‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تنكسر‭ ‬أمام‭ ‬صيحة‭ ‬إرهابي‭ ‬وكاتم‭ ‬صوت،‭ ‬قحطٌ‭ ‬ثقافي‭ ‬يزدحم‭ ‬بالأفق،‭ ‬غير‭ ‬أنَّ‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬أحوال‭ ‬الثقافة‭ ‬العراقية‭ ‬يمكن‭ ‬أنْ‭ ‬يصبح‭ ‬مبهراً؛‭ ‬إذا‭ ‬وجدنا‭ ‬الذي‭ ‬يتبوأ‭ ‬كرسي‭ ‬المؤسسة‭ ‬الثقافية‭ ‬من‭ ‬يتصف‭ ‬بمؤهلات‭ ‬الإبداع‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬منبثق‭ ‬من‭ ‬أتونها‭ ‬وأسرارها‭ ‬ومحنتها‭ ‬وسنوات‭ ‬عجافها‭ ‬واضطهادها،‭ ‬حينها‭ ‬سنرى‭ ‬ويبصر‭ ‬العالم‭ ‬أنَّ‭ ‬نهر‭ ‬الإبداع‭ ‬يتدفق‭ ‬كشلال‭ ‬مثير‭ ‬ومذهل‭ ‬في‭ ‬أصقاع‭ ‬الوطن،‭ ‬فما‭ ‬جدوى‭ ‬الحرية‭ ‬بجناحين‭ ‬من‭ ‬شمع؛‭ ‬وما‭ ‬جدوى‭ ‬التدوين‭ ‬بحبرٍ‭ ‬من‭ ‬سرابٍ‭ ‬وأقلامٍ‭ ‬من‭ ‬خُلّبْ‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *