عاد صاحبي من غربة في المهاجر البعيدة لاكثر من ثلاثين سنة وطلب مني وهو في ذروة نشوته ان ارافقه ليتفحص ضفاف دجلة مرتع طفولته ومغامراته.
قلت له من اين نبدأ…؟
كما تشاء من الجادرية بمحاذاة السدة فشلنا للوصول لمقترباته
فقد ابتلعته الاملاك الخاصة مساحات كبيرة من الضفتين الشرقية والغربية وجرفت البساتين وظهرت قصور منيفة تضاهي قصور صدام وتجاورها استثمارات لاصحاب المليارات ….تقدمنا قليلا فسمعنا صرخة مدوية… قف لا تتقدم وتبين ان احدى الجهات الامتية استقرت هنا و لايحلو لها الاعتقالات والتحقيقات الا. وهم على ضفاف النهر…وياعجبي واستغرابي لاستقطاع هذه الجهات على مساحات من اجمل ضفاف النهر في الجادرية وفي شارع المحيط بالكاظمية مقر الشعبة الخامسة سيئة الصيت وعادت بابشع مما كانت واقترن اسم صدام فيها حيث اعدم على مقربة من النهر المختطف…. ويقول خبير عراقي معني بمجرى الانهار ان نهري دجلة والفرات تم الاستحواذ عليهما بالملكية التعسفية والايجارات والمساطحة الفاسدة والاستثمارات الوهمية ولم بعد هنالك متنفس لملايين البشر وعليك ان ترتشف قدح شاي في جنة دجلة بعشرة دولارات…! كي ترى النهر او تلتهم وجبة عشاء مع صاحبك المغترب بورقة خضراء…
حولنا مسارنا باتجاه شارع فلسطين وانطلقنا من ساحة ميسلون لمدخل. شارع الربيعي وصرخ صاحبنا اين المشاتل الخضر التي كنا نتفاخر بها ومن حولها لكازينوهات وكافتريات تبث الدخان المسموم بدلا من اريج الزهور وعطرها الفواح…
وماذا حل بزيونة التي كانت زينة المناطق لقد اصبحت مزبلة ويحاصرها طفح المحاري وزحفت اليها افواج الحوسمجية ودمروها اجتماعيا وحولوها لمساكن عمودية ومولات ومقرات احزاب ومليشيات ومثل بيقية المناطق التي كانت تسمى راقية…!
واصلنا المسير باتجاه المستنصرية وقد اختفت المشاتل وهي اساسية في تصميم مدينة بغداد وتحولت الى فلل لمجاهدي الوطن من اثرياء الديمقراطية وابطال التحرير ويقال ان امانة بغداد الحقت المشاتل لنخبة من المتنفذين باجور رمزية ولتذهب المناطق الخضراء للجحيم المهم اوكار الخضراء المسيجة ما زالت امنة من غضب الشعب
واندهش صاحبي من حركة الاعمار وبناء ابراج سكنية انيقة… وقال بالتاكيد ان زملاء الدراسة في الجامعة وعامة المثقغين قد نالوا نصيبهم من هذا الاعمار … قلت له لا .. انما هدمت بيوت الفقراء وجرفت المتنزهات لبناء هذه الشقق التي لايحصل عليها الا الملياردير شعر صاحبي بالدوار وقال لنعود للبيت واجمع حاجياتي وارحل فورا لم اكن اتوقع. ان يختطف وطن بكامله على يد لصوص يتحدثون عن الدين ويوم القيادة والديمقراطية وحرية الانسان. والبرنامج الحكومي الذي سيقودنا الى القمر..!