يخطِّئ بعض المشاهير- وأكثرهم من غير المتخصصين بالعربية- يُخطِّئون مَن يقول: ( هذه مُسْتَشْفى)، والصحيح أن يُقال: ( هذا مُسْتَشْفى)، وهو حكمٌ لا غبار عليه من الناحيّة اللغوية الصرفية لكنّ موضع الإشكال يكمن في أنّ هؤلاء المشاهير – سامحهم الله – لا يعللون حُكمَهم تعليلًا وجيهًا غالبًا…
وقد وقفتُ قبل ساعات على أحدهم، وهو يخبط العشواء في تعليل الخطأ في تعبير:((هذه مُسْتَشْفى))؛ وذلك حين يستنتج ذلك المعلِّل أنّ كلمة (مُسْتَشْفى) مؤنّثة لا مذكّرة بدعوى أنّها تُجمَع جمعَ مؤنثٍ سالمًا، لا جمع مذكر سالم! فهي تُجمع على ( مُسْتَشْفيات)، وعليه – والكلام ما يزال لصاحب التعليل- يجب أن يُشار لكلمة ( مستشفى) بـ ( هذه)، لا بـ ( هذا)!
والحقُّ أنّ تعليل منع استعمال تعبير : ( هذه مُسْتَشْفى)، وإجازة تعبير : ( هذا مُسْتَشْفى) ينبعث من حقيقة أنّ اسم الفاعل (القياسي) سواء أكان ثلاثيًا أم لم يكن كذلك هو مذكر بطبيعة حاله ، فإذا أُريد به وصف المؤنّث احتيج معه لعلامة التأنيث، فُيقال، عالمة، ومُعلّمة، ومُتعلّمة، ومُسْتَعلمة، وهكذا…
والأمر نفسه أي سمة التذكير واردٌ كذلك في اسم المفعول، واسم المكان…
بمعنى أنّه يمكن لكلمة (مُستشفى) أن تكون اسم مفعول، واسم مكان،وتحديد أيٍ منهما موكول إلى السياق وما يقصده المُنشئ،فنقول على هذا :
كمال عدوان مُستشفى أهل غزّة أي مكان استشفاء مرضاهم،ونقول:
كمال عدوان مُسشتفًى بها، أي حين نقصد بالصيغة هنا اسم مفعول، لا اسم المكان؛ وآية ذلك صحّة استبدال العبارة السابقة بالقول: كمال عدوان هو المشفى الذي يُستشفى به الجرحى ، فكما يصلح اسم الفاعل وصفا لمن يَطْلُبُ الاستشفاءَ عندما نقول: (هو مُسْتَشْفٍ) أي يطلب الاستشفاء على سبيل الإطلاق ، يصحّ كذلك أن نقول: (هو مُسشتفًى)، وذلك حين نعني بكلمة ( مُسْتَشْفى) في هذا السياق وصف الشخص الغزّي الذي يَطلب له (غيره) كذويه ونحوهم أن يُستشفى مما ألمّ به من جروح سواء في مُستشفى كمال عدوان، أو أي مستشفى آخر …
وختامًا نسأل الله جلّ وعلا أن يمنّ بالشفاء العاجل على جرحانا في فلسطين وأن يتغمد شهداءنا بالرحمة والرضوان، وأن يعجّل بفتح قريب، ونصر عظيم لأهلنا المرابطين هناك إنه قادرٌ على ما يشاء .