الوصايا العشرة التي تؤكد عليها الديانات السماوية منذ إشراقها على المجتمعات قبل أكثر من ثلاثة الاف عام , و التي يشكل تجنبها أساً للعمل الصالح و أزاحة القبح الذي يتوارى خلف أقنعة شتى  , تلك الوصايا المتمثلة بعدم القتل , الكذب , الربا , الشرك , المحرمات من النساء , شهادة الزور , التجاوز على مال اليتيم , السرقة و نحو ذلك , تهدف الى الارتقاء بالمجتمع و تهذيب الانسان و تطهيره من الآثام التي تقفز الى سلوكه كلما توفرت الظروف المناسبة أو التوافق مع الرغبة الكامنة في طبيعته المشحونة بالأضداد و الثنائيات التي ينطوي عليها الواقع و إنعكاسها على التفكير و الفعل البشري ما أدى الى إطلاق روادع و تعاليم سماوية و قوانين وضعية تفرضها سلطة الدولة .

و الثابت أن مكارم الاخلاق ليس لها علاقة بالتحصيل العلمي أو التراتب الاجتماعي , و إنما تنبع من الذات و التربية التي ينشأ عليها الفرد و المستمدة إبتداءاً من الأسرة ثم البيئة الاجتماعية التي تؤثر في بنية و صياغة حياته.

غير أن تلك المحرمات مازالت متفشية بأشكال و مستويات مختلفة , و أخرى غدت ظواهر كالقتل و السرقة و الكذب الذي يتلفع بأغطية مستفيداً من الفقه التبريري و الاحتيال الشرعي للافلات من العقوبات و خداع الناس  بالكلمات التي تحمل معان بليغة مثل (هذا من فضل ربي) أو (النجاة في الصدق) . و حين تكتشف الحقيقة التي تأتي متأخرة دائماً . تجد أن الكثير منهم تغلبت الأنانية و المصالح الذاتية على سلوكهم . فالأنانية نوع من الجشع . و هي ككل جشع , تتضمن عدم الاكتفاء , نتيجة عدم وجود أي إشباع حقيقي . و الجشع هاوية لا قرر لها تستنزف الشخص في مسعى لا ينتهي لإشباع الحاجة من دون الوصول الى الاشباع أبداً (أيريك فروم / الهروب من الحرية). إذ أصبحت أكثر سطوة و تأثير من تلك التعاليم و الوصايا و القيم العليا . بسبب ضمور الوجدان و الضمير الذي يُعد مفتاحاً للفضيلة رغم التحذيرات الربانية و العقوبات الوضعية  , لأن العدالة مثلما يصفها المفكر مونسنيور أوسكار كمثل الحية : لا تلدغ الا الحفاة .

فالافعى غالبا تستبسل و تلدغ الفقراء و الضعفاء إذا ما أخطئوا , و تتغافل عن خطايا الأقوياء تلكم هي شرعة كل السلطات في العالم .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *