تعلمنا من قضاتنا الفضلاء الذين ترافعنا امامهم يوماً الكثير ولمختلف القضايا وخبرة اكتسبناها ارتقت بنا الى مستوى النضج وفهم النصوص القانونية كما ينبغي ومبادئ العدالة التي هي القواعد التي يستوجبها العقل المصيب والنظر السديد من روح العدل والانصاف وتعمق في نفوسنا محامين ومواطنين ان القانون فرض سلطة هيبة الدولة ولا سواه, ومن قضاتنا الذين لازالوا راسخين في الذاكرة نفتخر بهم ورحم الله من توفي منهم واطال في عمر الاحياء, ومنهم القاضي دارا نور الدين القاضي الاول في المحكمة التي استفسرت منه عن قضية معينة اجاب بأدب رفيع اعتذاره في حالة اقامة الدعوى في المحكمة التي هو فيها (تحسس رأي) وعندما بينت له اقامتها في محكمة اخرى اجاب على الاستفسار مشكوراً, والقاضي صبري عطية السوداني لا فرق عنده في التقاضي بين المتداعيين وبرغم زمالتنا الجامعية (جامعة بغداد) التي تخرجنا منها في السبعينيات لا يرى تأثيراً عليه عند المرافعة امامه لان الزمالة شيء والتقاضي شيء اخر وذات الشيء بالنسبة لنا تجاهه وهذا ما كنا عليه قاضياً ومحامياً, والقاضي عباس السعدي كان يتأكد جيداً من تحقيق الاهلية في عقد الزواج بتوافر الشروط القانونية والشرعية في العاقدين وشهادة شاهدين متمتعين بالاهلية على عقد الزواج وبعدها يوضح شراكة وقدسية الزواج متمثلاً في قوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ولغير المسلمين بحسب معتقداتهم وكان مرجعنا عند الاستفسار عن الميراث واحكامه, وللتأريخ نذكر بكل فخر واحترام للقاضي جعفر ناصر رئيس محكمة استئناف بغداد- الرصافة بصفتها التمييزية اصداره قراراً منصفاً وعادلاً بنقض قرار محكمة الموضوع التي ظلمت فيه موكلتنا نتيجة ضغوط شخصية خلافاً للقانون واجحافاً بحقوقها ولو ان محكمة الاستئناف الموقرة صدقت القرار الذي ميزناه لسبب صدمة لنا لا سيما وان قرارات محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية باتاً وملزماً, وان قضاتنا الاجلاء يجمعون بين القضاء والفقه وفق قاعدة كل قاض فقيه وليس الفقيه بقاض وهذا ما سار عليه القضاء العراقي في جميع مراحله وحتى يومنا هذا.. ويبقى القضاء العادل لا سلطان عليه ولا تأثيرات من هذا الطرف وذاك الاخر اذا ما اريد استقرار البلاد وطمأنينتها حاضراً ومستقبلاً.