لم تعد نتائج الحراك الشعبي وتضحياته ، محسوبة لدى الأطراف والكتل السياسية ، فالاختلافات حول كيفية صياغة مشتركات حول رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء قائمة ، بل إنها اكثر حدة مما سبق . فالمختلفون من الكرد لازالوا يتمترسون في مواقعهم حول حق كل طرف برئاسة الجمهورية ، والشيعة في الحكم مختلفين على من هي الكتلة الأكبر التي بإمكانها تشكيل الحكومة والتي تعطل التشكيل إذا ما تحقق  لها الاتفاق على صيغة مشتركة ، أما السنة بالرغم من الاتفاق على صيغة عمل مشتركة فهم لازالوا يعيشون وسط ارهاصات الاختلاف .كل ذلك يجري وسط رماد الفشل لسنوات الحكم ، ويجري ايضاً ضمن ظروف قاهرة يعيشها الشعب من النواحي المعيشية والخدمية والصحية والإنسانية ، فحالة الفقر تزداد والمواد الغذائية يتحكم بصعودها ممن لا حاجة لهم بما يجري في البلاد ، والسلطة غائبة عن الإجراءات الفعلية وحاضرة بالتصريحات والبيانات اليومية .كل القوى السياسية في عالم اليوم حتى في الدول البائسة ، تضع مصالح الشعب في تنافسها على السلطة ضمن أولوياتها ، كونها تحسب رغبتها في العودة للحكم بما تحققه من مصالح الشعب والناخبين ، إلا نحن في العراق ، فقضية مصلحة الشعب وقوة الدولة واستقلاليتها تكون ما بعد تحقيق منافع الكيانات والأحزاب السياسية في الحكم وما بعده ، وإلا كيف يمكن حساب هذه التجاذبات الاختلافية التناقضية بين الأطراف السياسية .الإصرار على عودة حكم المذاهب والعرقيات هو الفشل بعينة ، وغياب الشعور بالعمل الوطني المشترك والانتقال لمرحلة جديدة تعبر عن إرادة شعب وتستوفي شروط المواطنة بات في حكم الملغي في سياسات وادبيات الكيانات السياسية .كان اجتماع الحنانة وسبقه اجتماعات بغداد ، اشبه بلغة التخاطب ، دون الخروج بخطة عمل مشتركة ، وهذا ما يضيف لأزمة الحكم انسدادات جديدة ، يقع عبئها على المواطن وحده .  لا ندري أين يقع الخلاف ، هل هو حول حكومة وطنية كما يريدها الصدر ، أم حكومة الشراكة الوطنية كما يريدها التنسيق ، والأمر بين الاثنين يمكن معالجته كون الاختلاف لم يصل حد التناقض ، هذا إذا اخذت مصلحة المواطن ضمن الحسابات .المتابعون للوضع السياسي العراقي ، لم يتلمسوا هناك برنامج وطني متكامل الأركان عابراً للمحاصصة ، فكتل الاتفاق الثلاثي ، الصدريين والتقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني لم يقدموا برنامجا وطنيا اقتصاديا اجتماعيا ثقافيا وسياسيا لحكومة تعتمد في تشكيلها على الكفاءات والمعرفة والأداء بغض النظر عن الانتماء الحزبي ، وأن حصل ضمن هذه المواصفات لاضير في ذلك ، وإنما بات التناقض على رئيس الجمهورية الشغل الشاغل للبعض وهذا الامر لا يبشر باستقلالية العمل القادم ، والاطار اتنسيقي يريد الاتفاق على مخرجات الحكم بدءاً من رئيس الوزراء وصولاً للجهات الممسكة بالسلطة ، وكلا التجربتين قد شهدهما العراق طيلة السنوات الطويلة الماضية وادت الى فشل السلطة وسحبت معها فشل الدولة . هذا الوضع أدى الى انكفاء الشعب حول ذاته وعدم القناعة بوجود سلطة تعبر عن إرادته  وتقضي على الانسدادات التي اصابته بمقتل العوز والحاجة لحياة اجتماعية مريحة . ولا يتصور احدا من هؤلاء السياسيين كتلاً وأحزاب ومجموعات بأن المرحلة المقبلة يمكنها ان تعطيهم حضورا في مجلس النواب ، إذا لم يحسنوا التدبير وينتقلوا من الانانية السياسية الى حضرة المواطن ، وقادم الأيام هو الذي يحكم بين جبهتين متناقضين الشعب من جهة وكل الكيانات السياسية من الجهة المقابلة ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *