صادف أن كنا ضمن وفد اعلامي رسمي لزيارة أمريكا ومؤسساتها الإعلامية المهمة في عام 2012.. وكان في منهاج زيارتنا وبرنامجنا ان نزور مركز الحريات الصحفية في نيويورك. . وعند الزيارة التي وضع لها برنامج للاطلاع والحوار. . الاطلاع على اقسام ومفاصل المركز والحوار مع إدارة المركز والتي تتكون من مدير وأربعة أعضاء عدا المساعدين المنتشرين في ارجائه.
اهم ما يمكن ان اشير اليه بهذا الحوار هو لقاء الإدارة والحوار معها. . مع ان كثيراً من المحطات استوقفتني لأنها تلفت الانتباه فعلاً ولم نطلع عليها سابقاً. .
عند بدء الحوار وجه مدير المركز كلمة ترحيبية بوفدنا الذي جلس تراتبياً (حسب القدم والمنصب الوظيفي وليس وفق تصنيف مهني او صحفي). . مع ان التوصيات والتوجيهات كانت قد سبقت اللقاء وقبل دخولنا المبنى بان الحديث سيكون لرئيس وفدنا فقط على ان نترك النقاش والمداخلات. . ليس للحرص على الوقت بل لاستثماره بعد الزيارة للتنزه والتبضع. . !!.
كان الجميع يتوقع ان المدير، صاحب الشعر الأبيض وذي السبعين عاماً. . وهو مختص بالشؤون القانونية للأعلام، سيتحدث عن المركز وبطولاته ومنجزاته وعدد قضايا الدفاع عن الصحفيين بالمحاكم او التعويضات المفروضة على الصحفيين او الناشرين اوعلاقته (السيئة) بالسلطة والأحزاب اوقلة التمويل وارتفاع كلف الضرائب والتأمين و.. و.. و..
لكنه فاجأنا بقوله:
مبروك لكم إقرار قانون الحقوق الصحفية. . الذي سيؤمن حرية التعبير وحرية العمل وانتعاش الديمقراطية في العراق. . !!
كما انه استذكر شهداء الصحافة العراقية حين قال:
يؤسفني فعلاً سقوط هذا العدد من (الضحايا) في العراق وهو ما يعادل نصف عدد (ضحايا) العالم من الصحفيين. .
لم تكن تلك المفاجأة. . بل المفاجأة ان احد أعضاء وفدنا (تندر) بالقول:
ان هذا القانون لا يمثلنا وانما هو قانون بعثي. . !!
تصوروا. . حجم (الذكاء) الذي يحمله عضو وفدنا وهو يتحدث عن قانون جديد وضع خلال هذه الأعوام (بعد 2003)  وليست له علاقه بالنظام السابق لا من قريب ولا من بعيد. . والاهم ان من يتحدث ويناقش يريد التهنئة وفرح بهذا النجاح والانتصار للحرية..
اما حين أشار الى شهداء الصحافة واسفه على سقوطهم بالحرب والاقتتال الطائفي فان ذات الشخص من الوفد . . علق بالقول:
هؤلاء ليسوا صحفيين. . انما يعملون سواق واداريين واعمالاً أخرى. . !!
عندها لم نتمكن من السيطرة على انفعالاتنا وان كنا في مركز الحريات العالمي وان كنا في نيويورك وان كنا ضمن وفد رسمي. . ربما ان تخطينا رئيس الوفد ستوجه لنا عقوبة ابسطها (الطرد مـــــــــن الوظيفة رسميا. .) لأني موظف حكومي.
واجهنا هذا الموقف بأعلى صوت يسمع من به صمم ان هؤلاء شهداء الصحافة وهم من ضحى بحياته من اجل الكلمة ونقل الحقيقة لا انت من (تدعي) و (تنظر) بعيداً عن الميدان. . وبعيداً عن ساحة المواجهة عند الشدائد. .
هم شهداؤنا. . ونحن نفتخر بهم. . هم رمزنا ونقتدي بهم . . هم من مهد لنا طريق إقرار الحق. . وهم من عبد لنا جادة الاعتراف بالحقوق والقوانين نحو الحرية وحرية التعبير والرأي والموقف.
لمثل هؤلاء ولمثل هذا (النموذج) نقول ان للحرية ضريبة. . ولإقرار قانون حقوق الصحفييـــــــن ضريبة. . والاعتراف بالحقوق والحريات الصحفية لها ضريبة ايضاً. . ولضمان قانونها لابد من ان تكون هناك تضحيات. . الشهداء اول من قدمها والشهداء اول من خط لها قاعدة الاعتراف بقانون الحقوق الصحفية وقانون الحرية الصحفية. . وقانون احترام الصحفي وعدم المساس بعمله وبحياته وبخطه وخطابه..
قانون الحرية الصحفية العراقية قد سار بطريق وجادة الحقيقة عبدتها دماء الشهداء وانارتها نفوسهم ودمائهم وارواحهم الطاهرة.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *