في أي بيت في العراق، من الممكن وبسهولة جداً، ان يقوم أي مواطن بذبح عجل أو خروف من دون اية شروط صحية. هذا واقع من الصعب مراقبته او تغييره لأنه مرتبط بالمناسبات الدينية كالأعياد او الاجتماعية كالأعراس وبحدود يعدها بعضهم مقدسة. من هنا يحتاج البلد الى حملة إعلامية كبيرة، قبل ان تكون حملة أجهزة الصحة، من اجل إشاعة الوعي إزاء المرض الجديد المنتشر وهو الحمى النزفية التي باتت قلقاً متفاقماً يضاف الى هواجس الخوف من ضعف الرقابة الصحية والطبية في مجالات كثيرة.
تبدو الدولة العراقية من دون جهاز اعلامي كفوء قادر على مواكبة الحدث الداخلي بعمق ومتابعته عبر حملات مستحقة للتوعية عبر إمكانات كبيرة تمتلكها الدولة وتمول من خلالها الاعلام المحسوب عليها. وهذه ليست المرة الأولى التي تبدو الدولة العراقية من دون دعم اعلامي من الأجهزة الممولة من قبلها، ذلك ان الروتين الذي هو العدو الأول لولادة اعلام ناجح يهيمن على المنتوج الإعلامي الظاهر، كما ان تسع عشرة
سنة لا تبدو قد انتجت كوادر متفانية في سبيل رسالة إعلامية بقدر كونها أدوات بيد أحزاب وشخصيات ونواب من وراء الستار أو انّ لها عينا في المؤسسة الإعلامية الرسمية وأخرى على الاعلام الخاص ومصالح خارجية.
لا تزال المكاشفة المطلوبة مؤجلة في تقويم الاعلام العراقي الممول من الدولة، وهذا مرتبط بمساومات سياسية، كان ينبغي ان يكون الاعلام خطاً أحمرَ لا يمكن المساس به، كأي جهاز سيادي ينماز بالاستقلالية والتفاني وتجدد الكوادر واختيار قيادات الوحدات الإعلامية بعناية فائقة من كفاءات الداخل والخارج من دون اعتبارات سياسية ومذهبية كما هو جار في السنين الأخيرة.
يقال انّ الوحدة العسكرية بقائدها، وهذا التوصيف ينطبق على الوحدات الإعلامية، وانّ الحكومات جميعها مقصرة وربما متواطئة في عدم تدقيقها بملف الاعلام وطبقاته المتكلسة ودهاليزه التي ادمنت ما انساقت عليه الأحزاب.
الحمى النزفية التي ندعو للتعبئة الإعلامية الواسعة لمكافحتها، انما هي تعبير مجازي لتوصيف اصابة الاعلام الحكومي.