المكالمة التي أجراها وزير الدفاع الأمريكي مع وزير الدفاع الروسي بشأن الحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين في أوكرانيا، بغض النظر عن التصريحات التي رشحت في الاعلام عنها، انما هي دليل على ان القنوات الجدية مفتوحة بين عمالقة العالم مهما كانت الأجواء سوداوية في المشهد المتداول .
مصير اية حرب هو التوقف، وإعادة ترتيبات المشهد بحسب استحقاقات جديدة. لكن هناك اتجاهاً آخر يسارع الخُطى لجعل اجواء الحرب أو احداثها الفعلية مستمرة لأمد غير محدود، ومن تلك العلامات الحث على توسيع نطاق حلف الناتو من خلال انضمام الدول المحاذية لروسيا اليه، وهي دول صغيرة لكنها كانت تحمي نفسها طوال عقود طويلة من خلال تمتعها بالتزام الحياد.
هناك فقرة في العلاقات الدولية تبدو غائبة أو مغيّبة، وهي اتفاقات التعاون، أو الدفاع المشترك أو السلام والتنمية أو أي عنوان آخر مع روسيا من قبل دول جوارها. ربّما هذا التوجه مُحرّم لدى كثير من الدول لاسيما ضمن حلف الناتو، لكن تبقى الاتفاقات والعهود والمواثيق الثنائية ركناً أساسيا لا غنى عنه بين الدول، سواء في موضوع روسيا أو سواها. هناك سابقة في المنطقة جديرة بالتأمل .
العراق له هواجسه المقلقة مع ايران، الدولة الجارة والمتعاونة معه حالياً في ملفات اقتصادية وأمنية وسياسية ودولية كثيرة، لكن هناك خلفية في العلاقات لا يمكن تجاهلها في التفكير الاستراتيجي، هي تلك الحرب التي استمرت ثماني سنوات صعبة وانتهت بحسب القبول بقرار مجلس الامن الدولي، لكن لم تنجح محاولات سابقة في توقيع اتفاقية سلام دائم وعدم اعتداء تضمن للأجيال المقبلة العيش باطمئنان على جانبي حدود طويلة بين البلدين تتجاوز ألفاً ومائتي كيلو متر.
الحروب مهما كانت، فهي ليست بديلاً تاريخيا للاستقرار، في زمن باتت معظم الدول تمتلك أسلحة فتاكة او تحالفات كبيرة تفضي الى مزيد من الدمار.
رئيس أوكرانيا، مغمض العينين، يصرخ عاليا في واد مجهول، متجاهلاً حقائق التاريخ والجغرافيا والعلاقات الدولية التي انتجتها الأمم المتحدة بعد انتصار العالم على النازية في الحرب العالمية الثانية.
كما انّ روسيا، تتصرف بنفس آليات سبق أن انتقدتها مراراً، عندما مارستها الولايات المتحدة، لاسيما في غزو العراق