بعض الأشياء تستفزنا كثيرا، فنتوانى عن إنجاز مهام قد تكون في الحسبان هي أهم من الأكل والشرب، خذ لك مثالا: هل حقا تستطيع الاستغناء عن القراءة ؟.
أنا لا أضعك في موقف محرج، ولا أريد أن تكون كذلك- لكن الحقيقة وبعد هذا الواقع المتوهج بألوان شاشاتكم المضيئة باتساع أنواع هواتفكم من أفخم طراز وحتى أدنى قيمة، ألست بقارئ؟!
حسنا لن أطيل عليك- رأيت الخبر اليوم الذي يتحدث عن معززات المناعة في الجسم، ويلهمك أن الابتسامة سر السعادة.. والسعادة سر القوة! إذن أنت قارئ.
هجران الناس للمكتبات و القراءة
تجولت في سنة ما بين مكتبات صغيرة توجد في مدينتي الصغيرة، مدينتي المشهورة بالكرم والزيتون، وعلى ضفافها تنمو الأشجار المعمرة فتكسبها قوة ما إن تطالعها حتى تشعرك بمعدن تاريخها الأصيل، كانت مكتبات صغيرة جدا لكن الكتب التي فيها ذات قيمة ثرية، لا إقبال عليها لا أحد يعيرها اهتماما حتى أن موقعها ليس استراتيجيا، ولا تثير المارين عبر الطرقات الترابية بل هم يفضلون الجلوس في الشمس الحارقة صيفا، أو الرياح الباردة شتاء على أن يكونوا ضيوفا فارهين في مكتبة تغطي رفوفها الأتربة.
قلت في نفسي حتى الكتب تحتاج إلى أن نكون حانيين جدا ونمنحها شيئا من العطف والمحبة، الحب هو من يصنع العطاء، ويصنع الإنجاز، ويصنع الحياة… ثق من ذلك ولا تجادلني في أن الحب كلمة فضفاضة لا معنى لها سوى الأخذ والمتعة! إن الحب دنيا لا يعرف سرها سوى من أخلص في صرفها. وصرف هذه القيمة ليس بالهين، فأن تحب القراءة ستنجذب تلقائيا للمكتبات وستجعلها السرير الأثير في حياتك والسالبة لكل همومك.
كنت قد جربت قيمة حب القراءة .. فوجدت فيها متنفسا لهموم كثيرة، قبل كل شيء أنا آخذ من القراءة وهي تعطيني بلا بخل إنها مصرف الحياة المستمر بل هي بنْك مجاني يعطي بلا حدود، فتنبني القراءة العقل والنفس والسلوك … وتغير فينا الكثير..جرب اليوم أن تتنفس قليلا داخل مكتبة ما . واجعل روحك تستشعر بالبهاء .
ما قصة التغريدات على حوائطي الافتراضية؟
هي جمل قصيرة، لكنها عصارة فكر، من أجمل ما طمحت به أن أكتب على حوائطي الافتراضية جملا وشبه جمل، وفيها معاني التأسيس الحقيقي لعبر وحكم وأمثالٍ، نلوكها على ألسنتنا وتجود بها أقلامنا، فالكتابة المختزلة هي أصعب نوع يجعل من ممتهنه أن يفكر كثيرا قبل أن يبدي رأيه، أو يضع تغريدته، فن التغريد أو الاقتباس أو الإيجاز، أو ما قل ودل .. سمه ما شئت .. إنه في حقيقة الأمر فن عالمي عربي صرف .
حكايتي مع التغريدات
لست متعصبة لآرائي.. وأحب مشاركة الرأي وتقبل الآراء المتنوعة وأحترم كثيرا من حولي وإن كانت آراؤهم غير متفقة، لا أبتعد كثيرا فأنا مغرمة بقراءة أمهات الكتب كما يقولون- أضف إلى ذلك أنني في طفولتي قرأت كتبا تزن أضعاف وزني، ثم تسلسلت قليلا قليلا حتى وجدتني في شبابي أقرأ مجلات الأطفال، لا نبتعد كثيرا عن قصة التغريد، الأمثال عند العرب تغريدات لخصت حياتهم الطويلة والعميقة، فقصة مثل ما أو ما نسميها (… ذهبت مثلا) هي جملة اختصرت موقف روايته أطول من عمر الرواة !
الحكم والأمثال والجمل المختزلة، وفيض البيت الواحد، ونوادر الظرفاء … تغريدات تجسد معالم حياة نكررها اليوم بشكل افتراضي تضيء فيه الشاشة اللماعة وينعكس الضوء على وجوهنا الجميلة.
الكتابة
نافذة تضخ الأمل وتتجدد بها الحياة، فعلى الرغم من التعاسة التي تلف العالم لكن ثمة قدر كبير من الإيجابية وبعث التفاؤل الذي ننتشي به من خلال الكتابة.
أدركنا في مرحلة ما (السر) الذي يتيح لنا فيضا لا بأس به من المتعة بالحياة؛ أن نختزل عواطفنا في شكل رسومات ولوحات جميلة نضعها في مذكرات ذات سمة معينة”مذكرات الخواطر والذكريات” كنا حينها صغارا في مدارسنا ولكن تلك المذكرات تحتوينا في العبارات الجميلة والصور الملونة والتوقيعات التي تحمل لنا الكثير من التشجيع والحب والذكرى الرائعة التي تصبح خالدة وأهلها قد قضوا منذ زمن. إنها فتنة الكتابة عندما تغرينا بالحب فنعشقها بلا انتهاء وتستمر الحياة بذلك الفيض.