الكل يدرك بأن الفقر في العراق ، بات يؤرق المجتمع إنسانيا واخلاقيا ، والجميع يعرف المقولة المعروفة ، قطع الاعناق ولا قطع الارزاق ، فالتقارير العراقية تشير الى إن نسبة الفقر لم تتجاوز ال 27% من مجموع المجتمع بعضهم يقلل من هذه النسبة ، والتقارير الدولية تنبه الى خطورة تزايد حالة الفقر في العراق حيث تشير الى نسبة 37% من مجموع السكان هم بحالة فقر حقيقي ، وزاد من هذا الوضع المأساوي في بلد متخم بالموارد ارتفاع أسعار السوق للمواد الأساسية ، وانكماش السلطات المعنية في وقف هذا الارتفاع أو على اقل تقدير الحد منه ، ومعظم هذا الارتفاع هو التضارب بين التجار والمستوردين تحت يافطة ارتفاع المواد المستوردة في الأسواق العالمية وارتفاع سعر صرف الدولار بالنسبة للدينار العراقي ، قد يكون هذا الامر صحيحا ، ولكن ماذا عن المنتوج المحلي هو الاخر يشهد ارتفاعات غير مقبولة تنحصر معظمها في شراهة أصحاب الأسواق لابتزاز المواطن .
المشكلة في العراق إن القوى السياسية تتنافس وتتصارع على السلطة ، دون اعتبار لتفاعلات الفقر في العوائل العراقية ، والسياسي صاحب التأثير والقرار إذا لم يلتفت ويهتم بالحالة الاجتماعية المتردية ، فعلى من يهتم وماهي قيمة السلطة إذا لم تعالج أزمات الوطن وفي أولوياتها الفقر .
ليس هناك قوة تقف امام ثورة الفقراء ، إذا لم يتم وضع اليد عليها ومعالجتها بطريقة معاشية اقتصادية موضوعية ، فثورة الفقراء هي الثورة الحازمة التي لم يخسر فيها القائمون فيها وبها سوى كسر قيود الفقر ، وهنا يتساءل الناس ما قيمة ارتفاع أسعار النفط إذا لم تعطي الخبز للجياع ، وما قيمة الصراعات السياسية على الحكم إذا لم يلتفت المعنيون على الحالة المجتمعية المتردية .
لم نقرأ ونسمع هناك مشروع تقرير صدر من كتلة أو كيان سياسي يطرح كيفية التصدي للفقر وطرق معالجته ، سوى إن الازمة هي نتيجة لتراكمات سياسية سابقة ، في الوقت الذي يحمّل الجياع كافة القوى السياسية هذه المأساة لكون الجميع بشكل أو بأخر هم جزء من السياسات السابقة ، وان الجميع إلا ما ندر من ازمة الفقر ، ولا ندري كيف يمكن للمسؤول أن يستقر باله وهو يرى جموع من الصبية يصعدون فجراً الى قمامي الزبالة للبحث عما يساعدهم على يوم الغد .
أزمة البلاد هي بالأحرى في طبيعة النظام الذي أسس على المحاصصة والمذهبية ، وكل مخرجاته لا يمكن أن تبني دولة تشرع القوانين لحماية المواطن وتخلصه من افة الفقر المتزايد ، أما البطاقة التموينية فهي تتأرجح بين مادتين أو اكثر قليلاً   وفي كثير من الأحيان تتعطل عملية توزيعها لا سباب متعددة خلافا للظروف السابقة حيث كان المواطن يحصل على ما يكفيه من المواد التي بلغت 12مادة شهرياً ، صحيح إن نظام الغذاء مقابل النفط شكل خطة عمل اثناء الحصار الظالم ، لكن أجهزة التنفيذ كانت صارمة في توقيتات التوزيع وحجم وعدد المواد الموزعة .
إن ثورة الجياع القادمة ، إذا لم يتم معالجة أزمة الفقر، هي من اخطر واكثر الثورات عنفاً في العالم ، وعلى وفق هذا الوضع لابد من تحقيق عاملين مستعجلين أولهما احياء وتطوير الصناعات المتوقفة لتشغيل اكبر عدد من الشباب العاطل عن العمل وثانيهما التوسع في الزراعة وإيجاد وسائل زراعية حديثة منها استغلال المياه الجوفية في ضوء شحة المياه ، وثالثا توزيع خمس دونمات زراعية لكل شخص عاطل عن العمل مع قرض بدون فوائد وبذور واسمدة ، وبذلك تكون الدولة تجنبت تراكم فعل الفقر وتأثيره على المجتمع ومن ثم خلقت فرص عمل واسعة وساعدت في رواج فكرة الامن الغذائي .أزمة الفقر حقيقية وتتوسع ، وطرق ووسائل المعالجة ضعيفة لا تتناسب وحاجة الناس ، ومن الضرورة بمكان استغلال وفرة أسعار النفط ، بغية معالجة هذه الازمة ، وما يتصل بالأزمة المعيشية والاقتصادية للمجتمع ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *