-1-
أبو الوليد الباجي من علماء الاندلس المشاهير واســـــمه (ســــليمان بن خلف) ت 474 هـ .
وقد دخل الى المشرق ثلاثة أعوام ..
أنشد لنفسه وقال :
اذا كنتُ أَعْلَمُ عِلَمَاً يَقِينَاً
بأَنَّ جميعَ حياتِي كَساعَهْ
فَلِمْ لا أكونُ ضَنِينَاً بها
وأجعلها في صَلاحٍ وَطَاعَهْ ؟
( الضَنِين : البخيل )
-2-
من الواضح أنَّ الرجل أراد بهذين البيتيْن أنْ يختصر أهم المواعظ التي يمكن أن يقدمها الى مجايليه ومَنْ يأتي بعدهم .
واختار لموعظته الصيغة الشعرية لتدور على الألسن وتكون موضوع التداول بين الناس .
-3-
انّ عمر الانسان حتى اذا طال وتجاوز العقود الكثيرة، ما هو في الحقيقة الاّ بمثابة ساعة من ساعات الزمان، سرعان ما تنقضي وتزول، وبالرحيل تنتهي كل الفرص التي كانت قد أتيحت للانسان للنهوض باستثمارها في ميادين الطاعة والعبادة والنفع الانساني العام ، فإنْ كان قد فرّط وأهمل وضيّعها بما لا ينفع فقد خسر خسرانا مبينا .
-4-
لقد دعا نفسه أولاً الى توخي الحذر من إضاعة الفرصة ، فاضاعتُها غصة – كما هو معلوم  – وألزم نفسه باستحضار خطورة الموقف وضرورة الانطلاق الى ميادين البر والعمل الصالح لإثراء الرصيد بالحسنات ، وإبعادِه عن التلوث بالسيئات ، في مسار صالح تلتمع فيه الأعمال الصالح كما تلتمع النجوم في الظلام .
-5-
والبيتان رسالة فتوحة موجهة الى الأجيال تدعوهم الى اليقظة والتأهب، وتحرضهم على التمسك بأهداب الدين، وقِيَمِهِ الرفيعة بعيداً عن كل ألوان الترهل والابتذال والتلوث بالمعاصي والذنوب .
-6-
واذا كانت شياطين الانس والجن تعمل من أجل ايقاعنا في مستنقعات العصيان ومهاوي التمرد والجحود فانّ علماء الاسلام لا يدخرون وسعا في مضمار الوعظ والنصح والدعوة للاستقامة والسلامة من غوائل الذنوب،
ومن هنا انهم يروضون أنفسهم على الاصلاح ويحرضُون على اشاعته في سلوك المسلمين .
والسؤال الآن :
أين هم المستمعون ؟
وأين هي الآذان الواعية ؟
نسأله تعالى أنْ يوفقنا وايّاكم لاصلاح أنفسنا، وأنْ يكتبنا في عباده المطيعين الصالحين .
انه هو الموفق والمعين وهو ارحم الراحمين .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *