بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ودول معسكره الاشتراكي ، المطابخ المحيطة حول العاصمة واشنطن ، وهو المصطلح الذي يطلق على المؤسسات والمنظمات والمعاهد ، التي تخطط لمستقبل أمريكا ومستقبل علاقاتها مع دول العالم ، من مجاورة ، الى صديقة ، الى محايدة الى معادية ، وأغلبها يعمل تحت مسميات معاهد استراتيجية ، تساعدها طوعيا وبكل غباء ، أو طمع مادي ، أو انتماء فعلي ، معاهد استراتيجية من دول العالم الاخرى ، وحتى بعضها ينتمي لجامعات كبيرة ، أو ينسق معها وتحت مسميات مختلفة .

بدأت هذه المعاهد بدراسات جدية في تشخيص الخطر القادم على أمريكا ودول الغرب ، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الاشتراكي ، في العقد الاخير من القرن العشرين ، وجاءت حصيلة او نتيجة تلك الدراسات بان هناك خطرين متوقعين في المستقبل القريب بحدود 50-100 عام ، وهما :
الاسلام .
الصين .

وهذه النتيجة ، جعلت الباحثين الاخرين في السياسة والتاريخ وبقية العلوم ، في حيرة من أمرهم عن تفسير لمصطلح الاسلام الذي ورد في الدراسة .

فاذا عرفنا بان الصين المقصودة :
– هي دولة كبيرة الحجم ومعترف بها دوليا وذات حدود معروفة تحيط بالكثير من الدول .
– وهي دولة في هيئة الامم المتحدة ، ودولة دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي .
– وهي دولة من خمسة دول كبرى لديها سلاح نووي ، علنا ورسميا ومعترف به
– وهي دولة الصين الشعبية الكبيرة في نفوسها الذي بلغ أكثر من 1.4 مليار نسمة ، وسيتخطى 1.5 مليار مع نهاية هذا العقد .
– وهي دولة أشتراكية النظام الذي يختلف ويتعارض مع النظام الرأسمالي .
– وهي دولة ذات نظام ثوري يساري ، يتعارض مع مصالح دول الاحتلال والاستعمار .
– وهي دول صناعية تغطي 65% من احتياجات العالم الضرورية من جميع المواد والعدد وحتى المواد الغذائية ، الصغيرة والمتوسطة الحجم ، وباسعار مغرية للمستورد ، بل تقل عن نصف الكلفة لو تم صناعتها أو انتاجها محليا في بقية الدول .
– وهي دولة حديثة في دخولها باب الانشاء والتعمير في الدول النامية ، من مشاريع سكنية الى طرق وجسور ومشاريع ري وبزل وسدود وغيرها .

والصين ليست دولة استعمارية ، أو ذات أطماع ، بل دولة تحافظ على كيانها السياسي والاقتصادي ، واستعادة حقوقها واراضيها ، ومع استعادة جزيرة هونغ كونغ ، وهي جزء من ارضها وكانت مؤجرة الى بريطانيا لمدة 100 عام ( 1899-1999 ) ، لم يبقى سوى استعادة تايوان ، والتي تطمح في استعادتها بالطرق السلمية .

وعلى ذلك ، اتفقت أمريكا ودول الغرب بان تتعامل مع الصين ، مثل تعاملها السابق مع الاتحاد السوفياتي ، في علاقات اقتصادية وسياسية ، بلا حرب مباشرة ، مع وجود حرب باردة .

وهنا علينا ان نعرف المقصود بالاسلام :
لاحظ بان خطر الاسلام على أمريكا والغرب ، جاء بالدرجة الاولى ، وقبل خطر الصين .

أغلبكم يعرف بان الاسلام ، هو دين يبلغ أتباعه أكثر من 1.5 مليار نسمة ، ولم تعد له دولة واحدة ذات حدود وجغرافية ، منذ انتهاء الخلافة الاسلامية والفتوحات ، وبقت اجزاءها يطلق عليها مصطلح الدول الاسلامية ، حيث يشكل المسلمين فيها 95-99 % من نفوسها .

كما هناك دول كبيرة يشكل المسلمين فيها نسبة 30-40% من نفوسها مثل الهند واندونيسيا .

وحسب ” الفاتيكان ” فان الاسلام اسرع الاديان زيادة في النفوس والتوسع ، وهو أكبر الاديان بعد اعتبار مذهبهم الكاثوليك هو ممثل مسيحيي العالم ويبلغ عددهم 1.2 مليار نسمة ، ضاربين عرض الحائط مليارين نسمة من المسيحين اتباع مذهبي البروتستانت والارثوذكس .

واليوم انتهت تقريبا ثلاثين عاما على تلك الدراسات والتوقعات ، فقد اتضح ما تم قصده ” بالاسلام ” نتيجة الاحداث التي جرت خلالها .

الاسلام الذي يخافه الغرب ، هو الاسلام السياسي الذي يبلغ اتباعه نسبة 30% من متعصبين واصوليين ، و5% من متطرفين .

ورغم كون نسبة 5% ، صغيرة حسابيا ، ولكنها كبيرة جدا في عدد اتباعها وحجم اعمالهم .

وبدأ عمل المطابخ / المعاهد ، على كيفية تحطيم المد الاسلامي ونفوذه وخطر متطرفيه ، فجمعوا 1,000 خبير وباحث في شؤون الاسلام ومن جميع الاديان والدول والمعاهد والجامعات ، وما جاءت به المعاهد الاستراتيجية العاملة أو المنسقة معهم ، في مؤتمر أكاديمي عن الاسلام ، وكانت التوصيات مستقاة من نقاط قوة الاسلام ونقاط ضعفه .

وبدأ العمل من خلال نقاط الضعف ، واهمها الانشقاقات والخلافات المذهبية وعلى رأسها المذهبين الشيعي والسني ، وبدل تنفيذ توصيات المؤتمر ، ولنأخذ بعضا منها :

– كان العراق دائما يعتبر بلد ليس فيه صراع اسلامي طائفي أو مذهبي ، وان السنة والشيعة يتقاسموا النفوس بشكل مناقضة تقريبا ، قامت المعاهد بسحب اسلامية الاكراد من المعادلة ، واعادة النسبة الى اسلامية العرب ، ليشكل العرب الشيعة 65% ، والعرب السنة 35% .
وتم توليد معارك طائفية مذهبية ، شهدت اعوام 2005-2008 اشدها .

– اعطاء صبغة مذهبية الى اسلاميي افغانستان ، كون البلد اسلامي سني ، ولا يعترف في الاسلام الشيعي الذي يمثل 22% من سكان افغانستان واغلبهم من المحسوبين على الاثني عشرية والاسماعيلية .
وتم توليد معارك قتالية طائفية من تفجير مساجد وحسينيات تابعة للشيعة وقتل اتباعها الى تفجيرات منازل الشيعة وقتل أصحابها .

– تحويل اليمن البعيد عن الصراع المذهبي ، الى دويلات او مقاطعات مذهبية ، وتقوية مذهب الحوثيين القريب على المذهب الشيعي ، على حساب الاغلبية الدين يعتنقون المذهب الاسلامي السني .

– تلويح الغرب الى حكام السعودية بان هناك 30% من سكانها في المنطقة الشرقية هم من الشيعة ، واذا حاول حكام السعودية التمرد على اوامر اسيادهم ، فالشيعة لهم مطالبات وحقوق .

– اعادة سياسة فرق – تسد ، واستعمال مصطلحات لا للدلالة بل للتفريق ، سني ، شيعي ، مسيحي ، صابئي ، ايزيدي ، شبكي ، عربي ، كردي ، تركماني .

– اعطاء صفة للسعودية باعتبارها زعيمة العالم الاسلامي السني ، وايران زعيمة العالم الاسلامي ، هو من أجل سياسة الذل والخضوع والتبعية ، فالسعودية وفيها الكعبة المشرفة هي للسنة والشيعة ، وايران باعتبارها اكبر دولة اسلامية ذات اغلبية شيعية ، وفيها 25% سنة .

وهكذا ، نشهد انهيار وحدة كلمة العالم الاسلامي ، وبدلا عنها ، عودة مبادئ مذهبية كانت قد خفت حدتها او نفوذها منذ قرون .

وما ظاهرة ” الاديان الابراهيمية ” التي تولدت قبل سنوات واخذت مكانها السريع ، الا اخر محاولة لتحطيم قوة ونفوذ الاسلام .

وصاحب الصندوق المالي للاديان الابراهيمية ، هو صهر الرئيس الامريكي السابق ، وابن عم رئيس وزراء الحليفة السابق ، وبعد انتهاء عمله كمستشار اقدم للبيت الابيض ، استمر في الصندوق الذي وضعت فيه او تبرعت له السعودية والامارات وقطر مبلغ عشرة مليارات دولار لحد الان .

ويركز مبدأ الاديان الابراهيمية على كون الاديان الثلاثة ، اليهودية والمسيحية والاسلام ، متساوية في الحقوق الدينية وتنبع من مصدر واحد ونبي واحد وهو ابراهيم الخليل ، وان اليهودية هي اول الاديان التوحيدية وهي مصدر التشريعات للاديان التي جاءت بعدها .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *