يتحدث مصطلح البراغماتية عن البحث عن الذرائع للتنصل من المسؤولية في حدوث مشكلة أو أزمة في البلد، خاصة تلك المشاكل التي تتعلق بالأمن القومي والأمن الغذائي وتهريب العملة الأجنبية وتهريب المخدرات، دون التفكير الجدي لإيجاد حلول لهذه المشاكل، ليس لأن الدولة قاصرة عن إيجاد الحلول؛ بل لأنها جزء أساسي في حدوث هذه المشاكل.
أخذ كثير من العراقيين التفكير جديا في البحث عن مكان تتوفر فيه سبل العيش الكريم، الأمن والكهرباء ورخص أسعار السلع الأساسية، بالإضافة الى سهولة إيجاد سكن لعوائلهم ومدارس جيدة لأبنائهم، مع العرض بأن ما تقدم لن تجده في أية محافظة عراقية بدون إستثناء.
من هنا بدأت رحلة الكثير منهم الى دول الجوار (إيران وتركيا) مع أفضلية نسبية لتركيا كونها قريبة من أوربا، فأستوطنت عوائل في مدن متعددة من تركيا بل هناك من أسس له مصدر رزق بما تبقى له من مال بعد أن اشترى له سكن، فأصبح مواطن تركي يحمل الجنسية التركية، وبذلك تكون تركيا استفادت من جهتين، المالية والتي من خلالها أدخل بعض مئات الألوف من الدولارات في جسد الاقتصاد التركي، وخبرته في مجال عمله الذي من خلاله استطاع تحريك واحد من مفاصل الاقتصاد التركي، بدون أن يرف جفن الحكومة لهروب هذه الأموال والخبرات الى الخارج وتحرم الاقتصاد العراقي منها.
يصور البعض أن هذه الأموال هي سحت حرام، ونحن لا ننكر وجود أموال تم تهريبها لأنها جاءت عن طريق الحرام ولكن ليس كلها، والأموال السحت تعرف جهات حكومية ضليعة بهذا الموضوع من هي الأطراف المتورطة فيها، ومقدار هذه الأموال وأين تستثمر، حتى أن هذه الجهات تعلم يقينا أن قسم كبير من هذه الأموال يستثمر في التجارة بالمخدرات وإدخالها الى البلد لتخريب عقول شبابنا بدون أن تتحرك هذه الأجهزة لإيقافهم خوفا من سطوة الأحزاب التي يرتبط بها بالإضافة الى إمتلاك هؤلاء لعصابات منظمة تقوم بتصفية أي شخص يقترب منها.
عندما تحدثنا عن البراغماتية الموجودة لدى الحكومة، فذلك لأنها الأساس في المشكلة لعدم فرضها سلطة القانون على الجميع، ففرض القانون نجده يكون بإنتقاء أشخاص يكونون ضِعاف أو أن من يقوم بتشغيله في الترويج للمخدرات يتعهد له بأن يقوم برعاية عائلته لقاء أ يعترف أمام السلطات المحلية بأنه هو المتهم الرئيسي في القضية، مع علم تلك السلطات بأن هذه الإعترافات غير صحيحة، ناهيك عن معرفتها بالطرق المستخدمة في تهريب المخدرات لكنها لا تحرك ساكناً لأنها جاءت من رحم هذه الأحزاب ومباركة الجهات الراعية لها، وهذا غيض من فيض البراغماتية الحكومية.
هذا الوضع كله حدا بالمواطن العراقي للتفكير جديا للهروب من هذا الوضع، السؤال هنا: هل هناك حل أو حلول للخروج من هذه الأزمة؟
قد يبدو الحل غير ممكن بسبب الإشكالية المتقدم ذكرها، لكنه أيضا ممكن تنفيذه في حال قامت الحكومة بتنفيذ تعهداتها الأخلاقية بالحفاظ على الأمن المجتمعي، عن طريق تطبيق أقسى العقوبات بحق مهربي المخدرات (إعادة عقوبة الإعدام)، وتطبيق قانون (من أين لك هذا؟) وإيداع من تسول له نفسه الإضرار بالإقتصاد العراقي السجن، من ثم إذا إطمئن المواطن الى هذه الإجراءات سيفكر بالعودة مرة ثانية الى بلده للعيش فيها والمساهمة في تنشيط الاقتصاد العراقي.
الحكومة العراقية: هل قادرة على فعل هذا؟