ذكرني عيد الاضحى المبارك وانا ارى النساء تتسابق الى الاسواق لشراء الملابس وحجز موعد في الصالونات بحياة الناس بالأمس القريب وربما قبل خمسين سنه تقريباً كان للعيد قدسية تميزه عن بقية ايام السنة…
كان الاب يقوم بتجهيز ملابس العيد لعائلته عن طريق شراء قطع من القماش تباع لدى باعة القماش الذين يطلق على مهنتهم اسم (( البزازين)) وكانت في كل قرية خياطة ماهره تقوم بالخياطة لكل ابناء تلك القرية مقابل اجور بسيطة جدا……
اما ملابس الرجال فهي الدشداشة او القاط المتكون من زبون وسترة ( جاكيت ) وتكون خياطتها لدى خياط في المدينة اما الشباب فهم الاكثر حظاً لهذه المناسبة فتجدهم يذهبون الى مركز المدينة لشراء قميص تكون الوانه جذابة جدا مع بنطلون عريض من اسفله يعتبر موديل عصره يسمى (( چارلستن )) وكلما كانت الفتحة السفلية للبنطلون من قرب كعب الرجل كبيرة كان الشاب يشعر بانه يرتدي الاناقة الفاخرة… اما الاطفال فتكون ملابسهم بالعيد عباره عن بجامه بقطعتين واغلب الاوقات يكون قماشها من نوعيه خاصه تسمى( البازه) وتقوم بخياطتها احدى نساء القرية كما ذكرنا انفاً….
بالنسبة للنساء عموماً فان ملابسهن تتكون من ثلاثة او اربعه قطع الصاية والثوب والملفع والكيش او اليازمة او الهبرية ويكون القماش مختلف بين الشابة والمرأة الختيارة فالشابات وكان يطلق على اعمارهن كلمة (حدث وهي جمع لمفردة احديثة )يكون قماش ملابسهن ايضا وفق مسميات وموديلات مثل(( لا خبر)) وعلى نغم اغنية الفنان فاضل عواد وغيرها من المسميات التي يطلقها تجار الاقمشة لترويج بضاعتهم ويكون قماش ملابس النساء الكبار من قماش تسمى نوعيته ( القديفة) او انواع اخرى تكون الوانها اقرب الى الوقار اما الكيش والملفع فهو ثابت تقريبا قطعة من القديفة السوداء وتقوم بحياكة اطرافها إمرأة ذات خبرة بذلك والتي تطرزه بالخرز الناعم ويسمى النمنم.. والملفع ايضا قماشه خاص ولايوجد فيه الا لونان اسود للشابات والكبار سوية وابيض لمن تأتي من الحج او تكون رغبتها في ذلك… لم تكون هناك صالونات حلاقة حتى داخل المدن فكانت تعتبر شيء معيب في المجتمع ولكن توجد في بعض المناطق نساء تقوم بتجميل العروس بطريقة بدائية جدا… فالمكياج ممنوع ايضا وكل انواع العطور كانت للرجال فقط واعداد مستخدميها قلة كونها مكلفة الاسعار…
هذا كله كان في الماضي القريب اما في يومنا هذا فان الملابس للرجال والنساء يكون اغلبها مستورد من الخارج وجاهزة وان صالونات الحلاقة سواء كانت رجالية او نسائية فان الحلاقين فيها او الحلاقات اصبحوا ذات خبرة عالية ويقومون بتجميل الوجه بوضع عليه انواع من الدهون والمستحضرات والكريمات وايضا يقوم الحلاقين سواء كانوا من الرجال او النساء في صالوناتهم بإضافة كل مواد التجميل للشباب ووصل الامر اليوم ان بعض من الشباب والشابات يتباهون بتحديد حواجبهم بطريقة غريبة جداً حتى يظهروا بمظهر يظنون به انفسهم انه افضل ان الحياة العصرية..
اليوم قد تغيرت معالم الماضي بالكامل فلا يستطيع الاجيال الحالية تحمل صعوبة تلك الحياة وبساطتها من مأكل وملبس ولذلك تجد اليوم ان مناسبة العيد هي شراء الملابس للشباب والاطفال والنساء فقط ويبقى الرجال مستعدون لصرف كل ما في جيوبهم وبدون منية فتجد الاسواق ممتلئة بالزبائن وتجد العوائل بأكملها متواجدة في الاسواق قبل العيد وكل يشتري ما يبغيه وعلى رب الاسرة الدفع ولا تكمل مناسبة العيد اذا لم تكمل هذه الحاجيات التي تعتبرها ضرورية بالنسبة لبعض العوائل…
اختلف الزمان واختلف البنيان واختلف المكان ايضا واختفى كل شيء من الماضي فالزبون والجاكيت احتل مكانها البنطلون الضيق لدى اغلب شبابنا اليوم واختفت الصاية والكيش والملفع واصبح بدلها الدشاديش الملونة والفساتين بأنواعها وربطة الراس واصبح لدينا صالونات لتجميل النساء حتى داخل القرى والارياف لتغيير ما خلقه الله بالكامل مقابل مبلغ مادي يدفع فورا اضافة لعمليات التجميل التي تقوم بها بعض النساء كتعديل الانف ونفخ الخدين وغيرها..
اما الاطفال فأصبحت ملابسهم من الملابس الجاهزة والراقية ويكون اسعارها احيانا مرتفعة جدا بسبب مبالغة العوائل فيما بينها للتباهي والتفاخر بذلك…
ان ما حصل من تغيير شامل في كل وسائل الحياة الجديدة اظهر معه تغيير كامل في ملبس ومأكل الناس واصبحت الحياة الحديثة العصرية تعتبر نوع من التطور ولهذا يعتبرون كل ماهو ماضي هو نوع من التخلف….
فسلام على العيد وسلاما على ملابس عجائزنا وسلاما على ملابس شاباتنا وشبابنا اليوم…..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *