الفع الإبداعي عموما صعب المنال والتحقق ، لأن عوالم الكتابة جد معقدة ولا تخضع لمقاييس مضبوطة ومحددة على اعتبار أن عملية الإبداع تتحكم فيها خصوصية الفرادة والذاتية..
أما إذا ولجنا عالم الفعل الشعري فسنجد الأمر يتعقد أكثر
لأن هناك عنصرا مهما تعتمد عليه ، يتمثل في اللغة بالإضافة إلى عناصر ذاتية أخرى فيها ماهوثقافي وفكري وفيها ماهو نفسي و مزاجي إضافة إلى عدة متناقضات ..
هذا الأمر يجرنا إلى الحديث عن المبدع وقدراته على إنجاز مايسمى بالفعل الشعري أو مايساهم في اكتمال الكتابة الشعرية..
الأمر ليس كما يتصوره البعض ، الأمر أكثر تعقيدا ، فكلما تقدمنا في مناقشة هذا الإشكال نصطدم بميتافيزيقا عوالم الإبداع وبخيوط شخصية المبدع المتشابكة..
من هنا نتساءل عن ماذا يبحث المبدع حينما يفكر في إنتاج خطاب شعري …ما هي التفاصيل والجزئيات التي يبحث عنها ليتمكن من السيطرة على قارئ ربما لا وجود له الآن.. ماهو المتخيل والعناصر الثقافية التي يعتمد عليها لخلق تماس بين العديد من الجزيئات المتفرقة وسط ثقافة ما..
إن عملية الترميم التي يحاول المبدع القيام بها صعبة جدا خصوصا إذا استحضرنا الإقصاء الذي تتعرض له الكتابة الشعرية في واقعنا الثقافي ..
المبدع الشاعر يستدعي أشياء كثيرة من خلال علاقته
باليومي ، يحاول تطويعها حسب مزاجه بدون اعتبار
الترهات التي حدثت فيما مضى أو تلك الموجودة بالقرب
من محيطه الإبداعي ، المبدع هو الشخص الذي يؤمن بالاستقلالية الجمالية والفنية ، هو الشخص الوحيد الذي يجيد عملية التمويه والمراوغة ، قادر على معرفة خبايا
القارئ والناقد ، قادر على معرفة نوايا نواياهم وحتى
حاجاتهم الفنية والجمالية ..من هذا المنطلق يبقى المبدع
متمتعا بالفرادة والاستقلالية دون أن يكون بحاجة لنمادج سابقة أو محددة سلفا إلا من باب المعرفة والفضول…