تعقيباً وتأييداً لما ذهب اليه الصديق الدكتور فاتح عبدالسلام في موضوع البعض والجميع في افتتاحيته قبل يومين:
في عراق اليوم تجري امور عجيبة! الجميع يتحدث عن الفساد ويدعو الى القضاء عليه. والجميع يرى في حصر السلاح بيد الدولة أساساً في استتباب الامن وتحقيق الاستقرار. ولا أعتقد أن هناك من يجرأ على القول بأن العراق دولة دون سيادة ويحق للآخرين الهيمنة على قرارها السياسي والاقتصادي والثقافي. غير ان واقع الحال يذهب الى العكس من ذلك تماماً. إنها انفصامية اجتماعية خطيرة تضرب بمعاول هدمها كل بناء ومنظومة أخلاقية. فلا غرابة إذاً بما نحن عليه الآن!
في عراق اليوم نشط اللسان وانتعشت الخطابة وتطور فن التمثيل. فلن تجد أحداً من هذه الفئة أو تلك إلا وراح منظراً في أسباب تدهور الأوضاع وضياع الحقوق وهدر فرص البناء والتقدم والتجاوز على سيادة الدولة وهيبتها، مختتماً حديثه بالقاء اللوم والاشارة بالأسباب الى أولئك البعض “الغامض” ويتركك لحالك كمستمع في تخيل وتحديد من هم أولئك البعض، ومجنباً نفسه مغبة التساؤلات والتداعيات!
لنتساءل الآن: كيف يمكننا الخروج من مستنقع وفخ “ البعض والجميع” اللغز المحير والنفق المظلم؟ يذكرني ذلك بحكاية: ثياب القيصر الجديدة، التي ضحك فيها محتالان على القيصر في حياكة بدلة له لا يراها سوى الأذكياء والمخلصون له!!! حتى صرخ طفل في المدينة، قائلاً: ان القيصر عريان، وليس هناك ما يغطي جسده، وسط تصفيق واعجاب أهل المدينة، وفي مقدمتهم وزراؤه ومستشاريه، الذين خافوا أن يحسبوا بأنهم ليسوا مخلصين للقيصر وانهم أغبياء في حال عدم رؤيتهم لثياب القيصر!!!
مسكين أيها العراق، فقد أنزلوا عن رأسك تاج حضاراتك، وزورا في اسلامك سرقاتهم وعمالتهم!
برلين،