يبدو ان العراق بدأ يتجاوز شيئا فشيئا  هذة الصراعات الطارئة التي فرضتها تطورات سياسية ومتغيرات معينة ، كما حدث بعد سقوط النظام السابق من صراع طائفي ،، هذا الصراع الذي يحصل عادة ، اما بسبب اهتزاز المعادلة التقليدية في الحكم كما حدث بعد سقوط النظام الملكي عام 1958 ، او انقلاب هذة المعادلة كما حدث بعد سقوط النظام السابق عام  2003 ،، ومع كل هذا ومع عمق مامخزون في العقل الباطن لعموم الشخصية العراقية من عصبيات وعقد فانه يبدو ان هذا الصراع الطارئ (ولا اقصد النفس الطائفي) في طريقه الى الاختفاء والانحسار وخاصة بعد ان انكشفت حقيقة الامر واتضحت دوافع وتوجهات مايسمى بهؤلاء الساسة ، وان اساس الانهيار الذي تعرض له العراق والمأساة القائمة هو بسبب سيطرة الاعراب والجهال على مفاصل الدولة ومركز صنع القرار وليس بسبب الانتماء الطائفي والعرقي للقيادة او لرأس النظام ،، وهذا يعني ان هنالك عودة للصراع الحقيقي التقليدي في المجتمع العراقي ،، الا وهو صراع قيم البداوة وقيم الحضارة (نظرية العلامة المرحوم الدكتور علي الوردي) ، وهذا في الواقع اخذ يتضح شيئا فشيئا من خلال بروز صراع داخل المكون الواحد وما نراه الان على سبيل المثال من تراشق بين اطراف شيعية(ولا نقصد هنا ما يحدث ببن الاطار والتيار لان هؤلاء معظمهم من شريحة اجتماعية واحدة) والذي قد يكون احد اهم اسبابه هو هذا الصراع القيمي على الرغم من وجود عوامل اخرى قد تقف وراء ذلك ، وهذا ما اخذت تؤكده طبيعة وصور ما يجري على الساحة ومنها على سبيل المثال ، هو امتناع معظم الشخصيات والاسر المتحضرة الشيعية بالمشاركة في التصويت بالانتخابات الاخيرة ، لانها رأت انه لا يمكن القبول باستبدال ارهاب نظام دكتاتوري بارهاب وضغط مجتمعي تسبب حتى في تحطيم الدولة ونهبها وتحويلها الى شريعة غاب كما هو حاصل الان بعد هيمنة اهل البداوة والتعرب على مفاصل الدولة والمجتمع ، وهذا ايضا له شبيه اخر كما هو حاصل في المكون الكردي ، حيث ان المتحضرين والمثقفين الاكراد بدءوا يرفضون هيمنة اعراب الاكراد على الاقليم وقيادته وقد ادى ذلك لان تخرج من السليمانية التي هي الاكثر تحضرا وحداثة حركة التغيير المناوئة للوضع القائم في الاقليم ، وكذلك فان هذا التطور اخذ يحدث بين الاوساط السنية ،، وهكذا فانه لايستبعد ان تتشكل كتلة او تيار يضم النخب الاجتماعية والسياسية والثقافية والاكاديمية المتحضرة ، كأن تكون ليبرالية او علمانية او غيرها من التي تمثل العصرنه والحداثة وترفض قيم البداوة والتعرب ، وتضم اعضاء من كل المكونات القومية والدينية والطوائف والاعراق ، اي عابرة للقومية والدين والطائفة لان الضغط والارهاب المجتمعي والمعاناة والضرر هو واقع على الجميع .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *