(الحلقة الثانية) ،،،                                اما الاكتفاء بدفع المبلغ مهما كانت الجريمه المرتكبه فان هذا لا يحول دون انتشار الاعمال العدوانية والجرمية وانما على العكس قد يشجعها طالما ان هنالك اشخاص كثيرين يستطيعون دفع المبالغ مهما كانت كبيرة وخاصه في ظل هذه الظروف السيئه التي تمر بالعراق والمتمثله بضعف السلطه التنفيذيه والقضائيه وانتشار الفساد فيها .          ان غياب الرادع القيمي والعقيدي والجزائي الذي يقف عاده بوجه السلوك المنحرف والنوازع الاجرامية و الغرائز الحيوانيه العدوانية سيؤدي بالنتيجه الى انعدام الحياة والسلم الاهلي و سيادة شريعة الغاب واكل القوي الضعيف ، والذي يؤكد ما ذهبنا اليه هو هذا الارتفاع المستمر في معدلات الجريمة والسلوك العدواني والغير مسبوق وبالاخص في العاصمة بغداد .                                (3) في المحاكم الاسلاميه التي تستند في احكامها على قوانين الشريعة المستمده من الكتاب والسنة وكذلك المحاكم الجزائية التي تستند في احكامها على قانون اصول المحاكمات الجزائية وقانون العقوبات ، فان القاضي في كل المحكمتين يستمع الى افاده المجني عليه و افاده المتهم وكذلك الشهود والادعاء العام ومحامي الدفاع او محامي الحق الشخصي ،، ان الاسئلة المطروحه من قبل القاضي والنقاشات التي تجري تتمحور حول ظروف الواقعة  وتفاصيلها وحيثياتها  وذلك للوصول الى حقيقة الموضوع ومعرفه المقصر ، ولا يسمح لاي حديث اخر لا علاقة له بالحادث ، فساحه القضاء ليس منتديا ادبيا لالقاء الخطب وضرب الامثال وانشاد الاشعار وترديد الاهازيج التي يراد منها على الاعم الاغلب التاثير على سير العدالة والاحكام الصادرة ، وذلك لاننا نعتقد ان مجلس الفصل العشائري لا يختلف في الوصف الذي ذهبنا اليه في توصيف المحاكم الشرعيه او الجزائيه لان الهدف الاساس والاسمى له هو تحقيق العداله واستحصال الحقوق .
(4) ان المقوله المعروفة (انا واخي علي ابن عمي وانا وابن عمي علي الغريب) وغيرها من المقولات التي تندرج في هذا السياق وهذا المعنى والمنتشره الى حد ما في الاوساط القبلية بحكم طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة فيها فان هذه القاعدة اخذت تتراجع بحكم التطورات والمتغيرات الحادثه في هذه الاوساط بسبب اقترابها وتداخلها مع مجتمعات المدينة المتحضرة التي تتبنى الفكر الليبرالي اوالديني او العلماني والتي قد تكون غير مهتمة لمثل هذه العصبيات او تتعامل معها بتحفظ شديد . ان الواقع يتطلب مغادرة مثل هذه العصبيات والركون الى العقل والمنطق لاحقاق الحق وازهاق الباطل .