بعد ملحمة الاربعينية الحسينية التي شارك فيها اكثر من 20 مليون شخص ، عاد الزوار الى مناطقهم وبيوتهم ودولهم ، ولم يبقى في الانتظار للوصول الى بر الأمان هو المواطن العراقي ، الكل من الزوار اطمئن نفسيا فرحا برحلة الانتماء ، إلا الانسان العراقي ظل قلقاً مهموماً بما تؤول اليه الأيام المقبلة بسبب الانسداد السياسي ، وما ينتج عنه من تقابل المواقف المتشبثة حول وحدانية الأفكار والمواقف التي كثيراً ما تتجاوز المصلحة الوطنية العامة .
بعد الأربعينية الحسينية ، التي سجل فيها الإمام ، ملحمة التاريخ الإسلامي والإنساني ، في الدفاع عن عدالة الله في الأرض ، ووصايا النبي لمن بعده ، تستوجب أن يستذكر هؤلاء الانسداديون امران لا ثالث لهما ، وهما التضحية الحسينية الباسلة من اجل العدالة ، وحقوق الانسان كما رسمها النبي ، بهذين الشرطين يمكن لهؤلاء السياسيين أن يتجاوزوا كل المعرقلات أمام الاتفاق وفض الانسداد .
ليس مقبولاً البتة أن يبقى الموا طن العراقي مشدوها وخائفا من نزول هؤلاء المختلفين الى الشارع ، وان تتوزع الانانيات السياسية بين المدن والشوارع متخطين ثوابت العلاقات ، فالمواطن لا يريد أن يكون بيدق الشطرنج ، وإنما كل ما يريده هو حقه في الوطن ، وعدالة التوزيع ، ووقف الهدر بالمال العام ، وانتقال البلاد وهي تستحق ذلك من طاردة لأهلها ، الى جاذبة للذين هربوا منها لبلدان الغربة .
لم يعد مقبولاً ابداً تدوير الفشل والسياسات والمواقف المحبطة للنفوس التي مضى عليها عشرون عاما ، فبعد هذا الانسداد الذي تجاوز المعقول ، لابد من إيجاد الصيغة المشتركة بين الاطار والتيار ، وبين الاتحاد والديمقراطي ، للخروج من الازمة ، هذا إذا كان الامر يتعلق بمصلحة الانسان العراقي ، أما إذا كان الامر مرهون بالمصالح الحزبية الضيقة وبالتدخلات الخارجية ، فحتما سينزل الشعب للشارع ليقول كلمة الحسم ، ويخطأ من يضن من إنه اقوى من الشعب . إذن أعطوا للشعب حقوقه ، وللوطن حضوره ، وللزمن العراقي قيمته بين أمم العالم ، مثلما فعل التاريخ ذلك.