كان الامل الكبير في ان تنزع الصحافة العراقية قيودها بعد اكثر من ١٣٠ سنة من العبودية المطلقة التي مورست عليها في ظل انظمة دكتاتورية لا تعرف لحرية الكلمة مكانا في أي مجال من مجالات الحياة يحدو اغلب الصحفيين الاحرار الذين يدركون انهم مقاتلون اشاوس ضد الظلم والفساد وتكميم
الافواه واللتي كانت من ابرز مظاهر النظم الاستبدادية
نعم لقد كانت حرية الصحافة ترخيصا وممارسة من الاحلام التي تؤرق الصحفيين الرساليين الذين
يعتبرون العمل الصحفي نضالا من اجل مجتمع ديمقراطي وهو الامر الذي كانت الانظمة السياسية التي
حكمت العراق وعلى رأسها نظام البعث الدكتاتوري تخشى ولادته ولو
على مستوى الرغبة في ذلك او الشعور باهمية ان تكون هناك فكرة
فقط
وحين تهاوت اركان الدكتاتورية في العراق ظلت افكار البعث وموقفه بل خوفه من حرية الصحافة الركن الذي لم يتزعزع ابدا
كان خوف البعث من حرية الصحافة
مايزال يسكن في اذهان وعقول بقاياه التي ماتزال ايضا تطمح في عودة ثالثة للبعث الى الحكم يضاف الى ذلك الحاجة الماسة الى دعم هذا الحلم و تمكينه من الولادة السريعة بالاموال التي ستكسبها النقابة بوصفها الواجهة المهنية للبعث المجرم

ان الاموال الكبيرة التي ستجنيها النقابة بصفة رسوم او اشتراكات لاعتماد جميع وسائل الاعلام لديها كانت الخطوة الاولى لجعل الحلم البعثي يولد ثانية فمنذ عام ٢٠٠٨ وحتى هذه اللحظة كانت نقابة الصحفيين قد جنت اموال طائلة لا رقيب عليها ولا رقيب ولا احد من المسؤولين الحكوميين يسأل اين تذهب هذه الاموال في الوقت الذي يتضور فيه الكثيرون من الصحفيين و الاعلاميين من الجوع ويشكون من الامراض المزمنة وهو الامر الذي احالهم على التقاعد الالزامي من العمل الصحفي تاركين الساحة الصحفية للدخلاء و الاميين الذين لايدركون ما وراء فكرة الاعتماد من اهداف بعثية تأتي في مقدمتها العودة ثانية الى الحكم الدكتاتوري في العراق

ان الصحافة في الدول الديمقراطية ولدت لتكون لسان العامة من الناس اي كل الناس وليس حكرا على رجال الحكم وكان يجب ان تكون وكما سنأتي على بيانه ساحة مفتوحة للجدل الشعبي حول مايجب ان يتصف به النظام السياسي الحاكم

ان نظرة بسيطة للافكار التي يعبر عنها الخطاب الاعلامي لاغلب وسائل الاعلام العراقية الان يحدثنا عن ان للاعلام ليس الا خطاب حكوميا او حزبيا صرفا لا محل فيه للرأي العام الذي احاله الاخر نفسه الى التقاعد وليتحول الى هذيان مزعج

قلنا ان الصحافة في اللدول الديمقراطية العميقة ولد هكذا بصفته مبدأ ورسالة وذلك من قبل مئات السنين وكما سنرى بعد حتى اذا وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها عام ١٩٤٥ اصبح التفكير بحرية الصحافة والاعلام يفرض نفسه وبقوة على المجتمعات التي ذاقت مرارة الحروب
وما ان حل عام ١٩٤٨ حتى كانت
حرية التعبير التي تعني حرية الصحافة في المقام الاول في مقدمة المبادئ التي تضمنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان

لقد نص هذا لإعلان الذي الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948 على أن: «لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تَدَخُل أحد، والبَحث عن واستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كافة وسائل الإتصال بصرف النظر عن حدود الدول».
وقد صاحب تلك الفلسفة تشريع يَكْفُل مستويات متباينة من حرية البحث العلمي (تُعرَف بالحرية العلمية) وحرية النشر والصحافة.  ويُعَبِر حِمايَة الدستور لهذه الحريات عن عمق رسوخ القوانين ذات الصلة بحرية الصحافة/الإتصال داخل النظام التشريعي للدولة.
غالبًا ما تشمل قوانين حرية الصحافة مفهوم حرية التعبير وبالتالي يُعامَل التعبير المنطوق والمنشور مُعاملة واحدة.
وكانت دولة السويد أول دولة في العالم اطلقت العنان لحرية الصحافة ضمن دستورها من خلال وثيقة حرية الصحافة
علما بأنها كانت قد تبنت هذا المبدأ منذ عام 1788.
ويقول بعض مؤرخي الصحافة في اوربا ان لدى أوروبا الوسطى والشمالية والغربية تقليدًا عريقًا فيما يتعلق بحرية التعبير، بما في ذلك حرية الصحافة. بعد الحرب العالمية الثانية،
وكان هيو بايلي، رئيس خدمة سلك الصحافة المتحدة ومقرها في الولايات المتحدة قد شجع، حرية نشر الأخبار. في عام 1944، و دعا إلى نظام مفتوح لمصادر الأخبار والبث والحد الأدنى من التنظيم الحكومي للأخبار. تم بث مقترحاته في مؤتمر جنيف لحرية الإعلام في عام 1948، لكن تم حجبها من قِبل السوفييت والفرنسيين.
إن حرية الإعلام هي حق أساسي ينطبق على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومواطنيه، على النحو المحدد في ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية وكذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ضمن عملية توسيع الاتحاد الأوروبي، تم تسمية ضمان حرية الإعلام على أنها «مؤشر رئيسي على استعداد الدولة لتصبح جزءًا من الاتحاد الأوروبي».
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن «بريطانيا لديها تقليد طويل من الصحافة الحرة والاستفزازية»، لكن «على عكس الولايات المتحدة، فإن بريطانيا ليس لديها ضمان دستوري لحرية الصحافة». لقد تأسست حرية الصحافة في بريطانيا العظمى في عام 1695 إذ قال آلان روسبريدجر، المحرر السابق لصحيفة الغارديان: «عندما يتحدث الناس عن منح التراخيص للصحفيين أو الصحف، فلابد وأن تكون الغريزة هي إحالتهم إلى التاريخ. اقرأ عن كيفية إلغاء ترخيص الصحافة في بريطانيا في عام 1695. تذكروا كيف أصبحت الحريات المنتصرة هنا نموذجًا لكثير من بقية العالم، وكونوا واعين كيف ما زال العالم يراقبنا لنرى كيف نحمي تلك الحريات».
وحتى عام 1694، كان لدى بريطانيا نظامًا متطورًا للترخيص؛ وقد شوهد آخرها في قانون الترخيص للصحافة لعام 1662. لم يسمح القانون بأي نشر دون الحصول على ترخيص من الحكومة. قبل خمسين عامًا، في وقت الحرب الأهلي

وفي هذا المجال، كتب جون ميلتون كتيب بعنوان «آريوباجيتيكا» (1644). في هذا العمل، جادل ميلتون بقوة ضد هذا الشكل من أشكال الرقابة الحكومية وأبرأ الفكرة فكتب: «عندما يسير المدينون والجانحون إلى الخارج بدون حارس، لكن يجب ألا تثير الكتب غير المسيئة دون وجود حارس حقيقي في ملكيتها». على الرغم من أنه لم يفعل في ذلك الوقت شيئًا يُذكر لوقف ممارسة الترخيص، إلا أنه اعتُبر فيما بعد معلمًا هامًا بوصفه واحدًا من أكثر الدفاعات بلاغة عن حرية الصحافة.
كانت حجة ميلتون المركزية هي أن الفرد قادر على استخدام العقل والتمييز بين الحق والخطأ وبين الجيد والسيء. ولكي يتمكن الفرد من ممارسة هذا الحق في الحصص التموينية، يجب أن تتاح له إمكانية غير محدودة للوصول إلى أفكار زملائه الرجال في «لقاء حر ومفتوح».
من كتابات ميلتون طورت مفهوم السوق المفتوحة للأفكار، فكرة أنه عندما يجادل الناس ضد بعضهم البعض سوف تسود الحجج الجيدة.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *