ليست القضية في أزمة العراق الأخيرة قضية قلة وعي بمعنى الشرعية المستمدة من الدستور فقط ، بل لان اكثر جهد الوعي مكرس لحيازة ما لا يجوز واقتراف ما لا يحق وتغطية الممارسات التي يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي أي مواطن اعتيادي عراقيا كان أم غير عراقي- بموجب وقوع الضرر او الخطر منه على جزء من اقليم الدولة- بتحركات و تصريحات و دعاية فهمها اكثر ابناء الشعب العراقي وربما عجز اغلبهم عن التحرك السلمي او غير السلمي لأفهام المتسببين بالأزمات ان يتصرفوا وفق الأمانة على العمل و ما يقتضيه العمل من صلاحيات و ان يكفوا عن دعاية تهز كل الثقة لا بعضها، ذلك ان الفرد الشرقي يفترض بالأغلب ان المسؤول لا يمكن ان ينحدر إلى افعال جرمية.
من ضمن ما كنا ننبه له و أنا شخصيا تكلمت به هو انتقاء التفسير للدستور و تعطيل كثير من مواده، وقد بدا لنا و لي ايضا ان العديد من التنفيذيين يعتقدون ان الدستور وسيلة تسلط لهم واليمين الدستورية و أمانة العمل ليست الا شكليات تستلزم الصور الإعلانية والاناقة!.
دستور اعظم
اعتقد ان الذي استقر بوجدانه مخالفة دستور اعظم هو الكتاب العزيز- الرسالات الثلاث- الفطرة في الضمير، لن يستصعب ان يخالف الدستور مستخدما درعه المسلح بالبشر او البشر المسلح او الاختباء خلف نظام سياسي قوي!. لم يتم اختصار العراق قبلا بشخص ولذا فقد سقط كل من اجبر رعايا بلاده على منهجه، وعهد النظام السابق ليس عنا ببعيد.
مثلي مثل أي فرد عراقي و كردي اتابع اخبارا رسمية ( دعك من اخبار ليست رسمية) كلها تخص عدم الأمانة على الدم والمال والأرض و المياه، وعدم مسألة سياسية او قانونية لممثلي هذا الحزب و هذه الحركة الا ما ندر دون الشعور بأن هذا الدم و هذا المال هو للعراقيين و ليس ارث تفسير للمحاصصة التي حولت المناصب لتناغم مع قصص القصور التي يكون فيها الخليفة كل السلطات.
هذا دستور سنة 2005ويفصلنا عنه 17سنة وناله كل هذا الخرق، وهو دستور يتمسك الكل بشرعيته وهم في السلطة او في طريقهم لها وان تحفظوا على شيء من مواده، فماذا حدث لتحصل انسدادات تضيق كلما ولدت أزمة أزمة أخرى او رُحِلت الأزمة لموسم نيابي جديد؟
تصريحات المحكمة الاتحادية العليا الأخيرة تقول ما أقوله وقلنا به من قبل، وهي تصريحات (اقصد قولها عن توصيف الانسداد انه بسبب سوء التصرف مع الدستور) قانونية وليست مزاجية سياسية او توجهية، ومع ذلك فلا زالت المناورات تستند للتجريب لا للخبرة، ولا زال التعويل على الحظ حاضرا فيما يغيب التخطيط و-على مايبدو النوايا- عن الرجوع عن جادة الخطأ إلى الصواب.
هذا الحصاد الذي ستسوق ثماره المُرّة للعراقيين هو من زراعة من اساءوا استخدام السلطة، السلطة التي يتوجب لنجاحها ان تقارن هي قبل الجمهور بين ما قدمته و ما قدمه نظام كانت تعارضه، وان تتأمل دواخلها قبل خارجها إن كان فيها عدوى من نظام سيء أم لا.
ليست العراق إقطاعية وليس العراقيون عبيدا لهذا او ذاك، ومن استحلى الدور فليكتفِ بنفسه و لا يفكر ان يدخرنا وقودا او كمالة عدد.
{ سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني