في الساعة الحادية عشرة مساء من يوم السبت او قبلها بوقت قصير دخلت قوات الشغب الى ساحة التحرير وانسحب المتظاهرون الى ساحة الفردوس وبعض الطرق الفرعية.

ظهر مراسل الشرقية وحيدا في شارع تسير فيه السيارات,وهو ينقل ما حدث بعد تقدم قوات الشغب,واجبار المتظاهرين على اخلاء ساحة التحرير.وحين قال المراسل ان المتظاهرين تفرقوا وانسحبوا.قالت مذيعة النشرة بصوت فيه حزن عميق جدا ان الحق لن يضيع.شيء ما انكسر في صوتها,ربما امل قوي تعرض لصدمة او هرب منا جميعا.فتشرين بالنسبة لنا جميعا هوية وطنية قبل كل شيء.وقضية انسحابها لا يعني نهايتها.

لن اقول ان مذيعة (الشرقية)كانت تشرينية الهوى,لكني احيي شعورها الانساني قبل كل شيء.ولعل مستمعين غيري احسوا بان حزنا واضحا انتشر في صوتها كما تنتشر بقعة زيت على سطح الماء.

لم استطع ان اخفي انزعاجي,لذلك بحثت عن صور ابطال تشرين الراحلين.شباب تعلموا رفض الظلم,وعدم مجاملة احد.اطلت النظر في وجه عمر سعدون ذلك الشاب الثائر الذي فاق جيفارا اصرارا على الموت.

نظرت الى صورته طويلا كأنني اعرفه.واستعدت في ذاكرتي صوت المذيعة المنخفض الذي انكسر فجأة بعد تفرق المتظاهرين, وهي تقول لن يهزم الحق.

يبدو ان البشر يتضامنون بطرق مختلفة.يبدأ تضامننا الانساني من انتشار نغمة الحزن في صوتنا وحتى الصرخة العليا ضد الظلم,والفساد.اضف لكل هذا استقبال رصاصة الموت دون خوف.

عمر سعدون ورفاقه صنعوا لنا شيئا غريبا علينا.ابتكروا لعبة جديدة اسميها الاختقاء لفترة قصيرة.لقد ذهبوا في رحلة جماعية,وعند اللقاء بهم سنكتشف انهم كانوا على حق.لذا انا اقول ان عمر سعدون ورفاقه كانوا اكبر من قبول صفقة العيش مع الفاسدين.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *