لكل فرد في هذا العالم حلم يعيش عليه سنوات الى ان يتحقق او يذهب مع ادراج الرياح كبقية الاحلام المتناثرة هنا وهناك. انا كبقية افراد هذا العالم تسبح في ذهني احلام لاتنتهي منذ بواكير الطفولة والصبا والشباب ..بعضها احلام مشروعة والبعض الاخر تتكسر على صخرة الواقع المرير فتطير الى اعلى مراتب الطيران كطيور صغيرة تهرب من اتون نيران تلتهم غابات بلا رحمة .اليوم وانا احث الخطى ناحية احدى مؤسسات – الشفاء او المشافي – في بغداد مع شريكة حياتي – التي ارهقها المرض وجعلها تتألم كل ساعات النهار والليل بلا رحمة – راحت الافكار تتلاطم في ذاكرتي وكياني الداخلي كانها جيوش جرارة تهجم على جسدي بكل قسوة – بنفس الطريقة التي هجمت فيها تلك الجيوش القادمة من خلف الحدود لتحيل بلدي الى اطلال وبقايا ذكريات ظلت عالقة في كل الطرقات والحارات . صور كثيرة تقع عليها نظراتي وهي تمضي بسرعة من خلال نافذة سيارة الاجرة المتهالكة – نوعا ما – شوارع مهشمة وارصفة تشكوا العطش لنظرة مهندس عراقي شريف يعيد لها رونقها القديم وكبار سن يحملون مناديل ورقية لمحاولة بيعها عند كل منعطف او لحظة توقف..مشاهد تقشعر لها ارواح الانسانية – حرفيا . هذا البلد الكبير وهذه العطاءات الربانية التي يمتلكها بلد مثل العراق ومع هذا كل هذا البؤس وهذه الصور المأساوية . حلم ظل يسبح في ذهني ويجبرني على قول اي شيء في هذا الميدان – واِنْ – لم ولن يستمع اليه احد مهما تكرر قوله فجميع المسؤولين عن هذا البلد في هذا الزمن الصعب لايفكرون في شيء اسمه العراق او البؤساء الذين يفترشون ارض العراق. حلمي بسيط لكنه صعب وهو ان ارى بلدي يصل الى مصاف الدول المتقدمة فهو يمتلك مقومات الوصول ولكن هناك الف – لكن – ان ارى مستشفيات العراق نموذجية بكل ماتعنيه هذه العبارة من مداليل وان لا ارى شيخا او عجوزا يفترش الارض ليبيع تلك المناديل الورقية وان ارى المدارس النموذجية والمصانع تدور من جديد وان تكون ارض العراق محمية بشباب العراق – ليس القادمين من دولة اخرى- احلام سهلة لكنها تحتاج الى نضال مرير وسنوات من العمل الجاد …هل ضاع بلدي الى الابد ام سيعود للنهوض من جديد ؟ سؤال مطروح الى الفضاء الفسيح …