في مراجعة بسيطة لواقع الطاقة الكهربائية نرى ان مقدار ما يتم إنتاجه من الطاقة الكهربائية هو بحدود 21 ألف ميكاواط بينما مقدار حمل الذروة في فصل الصيف يصل الى أكثر من 33 ألف ميكاواط أي ان حدود العجز بين التوليد والطلب هو أكثر من 10 الاف ميكا واط وان مقدار الزيادة السنوية على الطلب هو بحدود الالف ميكاواط وهذا تحدي كبير جدا لوزارة الكهرباء.
ان مقدار التخصيصات المالية لوزارة الكهرباء كبيرة جدا، ففي عام 2018 كان حجم التخصيص المالي هو بحدود 6.25 مليار دولار وفي عام 2019 كان حجم التخصيصات المالية في الموازنة العامة الاتحادية هو 8 مليار دولار بينما كان في عام 2021 حجم التخصيص المالي هو 10 مليار دولار، أي ان حجم الانفاق يتزايد سنويا بينما بقي حجم الفرق بين التوليد والاستهلاك في الطاقة هو ثابت بحدود 10 الاف ميكاواط، وهذا رغم دخول محطات توليدية جديدة للإنتاج.
ان النقص بتجهيز الطاقة الكهربائية للمواطنين جعلهم يلتجئون الى المولدات الخاصة والمحلية، وان تلك المولدات فيها اثار سلبية كبيرة منها:
1 – ان حجم استهلاكها لوقود الديزل كبير جدا، لمعرفة كم تستهلك مولده الديزل في كل ساعة تشغيل لإنتاج 500 امبير \ 220 فولت. او 1000 امبير \ 220 فولت والجواب هو ان الاستهلاك يعتمد على نوع المحرك وعمره أيضا و بالتأكيد تختلف نسبة التحميل والتي تدخل أيضا في مقدار استهلاك محرك الديزل للقود وبشكل عام فان كل ميكاواط ساعة يستهلك 200 لتر ديزل، فان فرضنا ان 10 الاف ميكاواط يتم تعويضها بالمولدات وبالتالي حجم الوقود المستهلك بالساعة لكل عشر الاف ميكاواط 2 مليون لتر أي 2000 متر مكعب من الديزل وان سعر اللتر الواحد الرسمي هو 400 دينار أي يكون حجم المبلغ لكل ساعة هو 800 مليون دينار وبالسعر التجاري أي 750 دينار يكون المبلغ الكلي هو 1500 مليون دينار بالساعة الواحدة، واذا فرضنا مقدار انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين عشر ساعات يوميا فيكون المبلغ هو 8 مليار بالسعر الحكومي و 15 مليار دينار بالسعر التجاري واما المبلغ الكلي في السنه فسيكون 2920 مليار دينار سنويا بالسعر الحكومي المدعوم و 5475 مليار دينار ، للعلم ان بعض الحسابات تقول ان حجم المبالغ التي يتم جبايتها للمولدات سنويا تكون بمقدار 4 مليار سنويا.
2 – حجم الانبعاثات الغازية والكربونية، ان فرضنا ان حجم الطاقة المولدة من مولدات الكاز هي 10 الاف ميكاواط وان عامل الانبعاث من هذه المولدات هو 74.1 كجم/ميكاواط فان الناتج هو 741 ألف كجم أي 741 طن من الكاربون اما في اليوم الكامل في حال تشغيل المولدة 10 ساعات فسيكون حجم الانبعاث هو 7.410 كليلو طن اما سنويا 2.704 مليون طن، نلاحظ ان حجم الانبعاثات كبير جدا.
3 – الأثر العمراني، حيث نلاحظ ان معظم المولدات تكزن في الجزرات الوسطية للشوارع وان مكان المولدة يحيطه الاتربة الدهون والمياه وبالتالي يخرب جمالية الشارع والمنطقة.
توجد حلول عدة من اهما
1 – خصخصة وزارة الكهرباء وجعلها شركة قابضة تتكون من ثلاث شركات فرعية هي شركة التوليد وتكون مساهمة بحصة 51% وشركة النقل وشركة التوزيع، وبذلك تقل التخصيصات المالية تزداد الإيرادات التي هي الان بحدود 1.5 %.
2 – الذهاب الى تشجيع الطاقة النظيفة الشمسية للمنازل من خلال قروض ميسرة وعن طريق شركات وان تكون الشبكات من نوع كريد اون (GRID ON).
3 – استخدام السمارت ميتر في المنازل والاهتمام بالجباية وعودة القطاع الخاص لان التجربة اثبتت نجاحها لان المناطق التي يتم الجباية فيها قل الاستهلال الى الثلث.
4 – شراء الطاقة الكهربائية من الخارج وهذا يعني المضي بالربط الشبكي مع دول الجوار ولكن يجب ان يتزامن مع جباية حتى لا تكون كلف شراء الطاقة من الخارج عبئ كبير على الدولة والميزانية العامة.
الربط الشبكي مع الأردن
لدى العراق ربط شبكي مع الجمهورية الإسلامية ومع تركيا وكذلك مع الخليج في طور التنفيذ ومن الان مع الأردن وغدا سيتصل الربط بمصر.
ويهدف المشروع في مرحلته الأولى إلى تزويد الجانب العراقي بقدرة كهربائيَّة من الأردن تصل لـ 150 ميكاواطا، ورفعها إلى 500 ميغاواط في المرحلة الثانية، و900 ميغاواط خلال المرحلة الثَّالثة. وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع تزويد العراق بالطاقة الكهربائية من قبل الأردن بقدرة 400 كيلو فولت، وتنفيذ خط نقل عالي الجهد يربط المنطقة الشرقية في الأردن الريشة مع المنطقة الغربية من العراق القائم، ويبلغ طول الخط 300 كيلومتر تقريبًا، وبتكلفة تقديرية 140 مليون دولار، منها 288 كم داخل الاراضي العراقية، و12 كم داخل الاراضي الاردنية”.
تاريخ الربط الشبكي مع الاردن
1 – إن الربط الشبكي الكهربائي ليس وليد اليوم بل سبقت اتفاقية الكاظمي مع الأردن عدة اتفاقيات منها اتفاقية الحكومة السابقة والذي وقعها الوزير السابق للكهرباء لؤي الخطيب في 11/7/2019 مع الأردن، والمتمثلة وزيرة الطاقة والثروة المعدنية المهندسة هالة زواتي.
2 – في عام 2020 تم الاتفاق على الربط الشبكي
3 – عام 2022 تم توقيع اتفاق الربط الشبكي مع الأردن
محاذير الربط الشبكي:
1 – يتحمل العراق كلف كبيرة وهي كلف الخطوط الناقة والتي تم ايضاحها في أعلاه.
2 – يتحمل الخط كلف إضافية وهي الترانزيت بالدول التي يمر فيها والأردن بالذات.
3 – الخطوط الناقلة هي تمر بمساحات كبيرة من الأراضي الجرداء والغير مأهولة وكما نعلم تكون صيد ثمين للمخربين والدواعش، وبالتالي ان المخاطر كبيرة تهدد تلك الخطوط.
4 – طول الخطوط يؤدي الى فقدان كبير بالطاقة وانخفاض بالفولتية، وهذا يعني ان أموال تتبدد في الطريق قبل وصولها للعراق.
حلول أخرى أكثر أهمية
كان الأفضل الذهاب باتجاه الاستثمار الأجنبي في داخل العراق لإنشاء محطات داخل الأراضي العراقية وبالتالي ان المحاذير الثلاث التي كتبت أعلاه ستكون غير موجودة ويضاف اليها الفوائد الاتية:
أ – سيتم تشغيل الكثير من الايدي العاملة، وكما تعلمون ان معدلات البطالة في تزايد مرعب وكبير.
ب – تقليل المفاقيد بالطاقة الكهربائية نتيجة بعد المسافة.
ج – تقليل الكلف وبالخصوص التي تكون على الخطوط.
د – ان الاستثمار يؤدي الى خلق بيئة إيجابية ومشجعة لا استثمارات أخرى.
هـ – ان وجود المحطات داخل العراق يؤدي الى تحريك الاقتصاد وبالخصوص المنطقة التي تقع المحطة فيها.
الخلاصة
1 – سيكون تأثير الربط الشبكي بسيط وغير محسوس، رغم ان الربط الشبكي فيه بعض الإيجابيات منها زيادة الموثوقية في امداد المواطن بالطاقة الكهربائية، لكن المفروض ان تكون القدرة المجهزة أكبر.
2 – كان الاجدر الذهاب الى حلول أخرى مثل الاستثمار ونتمنى ان تكون من ضمن الخطوات القادمة. ان هذه الخطوة تبين لنا عدم جدية الوزارة في حل ازمة الكهرباء.
3 – من الأمور المهمة التي تتبين لنا ان الحكومات السابقة كانت غير جادة في وضع حل استراتيجي لقطاع الكهرباء.
ان الذهاب الى السعودية هو اختيار غير جيد، لأنها في حرب مع اليمن وان الأيام الأخيرة شهدت قصف في المناطق النفطية والطاقة ومنها أرامكو من قبل اليمنيين ردا على قصف شديد قامت به السعودية، وبالتالي ان مصادر الطاقة لسعودية غير موثوقة.