كان الطحان ( فرهود) يسكن قريةً نائيةً في جنوب العراق.. و اعتاد إذا جاءه قرويٌّ بقمح ليطحنه أن يأخذ إضافة إلى أجرته صاعًا من الطحين.. و بالرغم من أنَّ القرويين يرونَ سرقات الطحان و يسكتون، لكنهم يدعون عليه بالعذاب و جهنم و السعير..

بعد سنين، مات (فرهود الطحان) و آلت المطحنة إلى زوجته و ابنه.

زار (فرهود الطحان) زوجتَهُ فى المنام و أخبرها بما يناله من العذاب بسبب دعاء أهل القرية عليه عندما كان يسرق طحينهم، فتناقشت مع ابنها في مسألة عذاب أبيه، و اقترحت عليه أن يُنصِفوا أهلَ القريةِ، و يكتفوا بالأجرة حتى يرفعَ اللهُ العذابَ عن أبيهِ.. إعترضَ الإبنُ و قال: لو رأى الناس إنصافًا منِّي لازدادوا فى لعن أبي لعدم إنصافه لهم، و اقترح أن يأخذوا بدل الصاع اللذي كان يأخذه أبوه صاعين، و عندها سيترحًّمُ أهل القرية على أبيه و يطلبون المغفرة له لكونه أكثر رأفة بهم ..

إستحسنت الأمُّ الفكرةَ، وأخذ ابنه (لهيبي فرهود) بدل الصاع صاعين إضافة إلى الأجرة و ضجَّ الناسُ من قسوة الأبن، و بدأوا يترحمون على الأب و يدعون له بالمغفرة.

زار الطحان ابنه فى المنام و أبلغه برفع العذاب عنه بسبب دعاء أهل القرية له بالرحمة، وهكذا نجى الأب من العذاب وتوارث الأحفاد فكرة الأب و ازدادت كمية الطحين اللذي يسرقونه حتى لم يكن يعود الناس إلى بيوتهم إلا بقليل من الطحين و ازداد (لهيبي الطحان) و الأحفاد ثروةً..

و يقال أن معظم المسؤولين في عراقنا من ذرية ( لهيبي فرهود الطحان)..
و الدليل سعيهم إلى رفع سعر صرف الدينار العراقي، و غلاء الأسعار، و تدنِّي مستوى المعيشة، و ارتفاع معدل التضخم، و ازدياد الشباب العاطلين، و انتشار المدمنين على المخدرات، و كثرة المتسولين من الشعب، فأصبح الشعب يترحم على المسؤول الأول(فرهود) بسبب الظلم الأكبر الذي يلاقيه من المسؤولين الجدد (لهيبي، و لغَّاف، و خمَّاط، و قنَّاص و مسَّاح، و تلَّاف ووووو.. )

نقلت إحدى القنوات الألمانية خبرًا للسخرية تقول فيه عن العراق أنه يمتلك أقوى خزين نفطي في العالم ليس فيه كهرباء، و لا يمكنك الشرب من مياهه لكثرة تلوثها.
و الغريب الأغرب في هذه البلاد أنَّ المواطن الذي يخرج في تظاهرةٍ مطالِبًا بحقِّهِ يتصدَّاهُ و يمنعُهُ شُرطيٌّ أو جُنديٌّ يُعاني من نفس الظلم و الفساد، فقط كي يدافع عن حاكم فاسد و لصٍّ سرقهم الإثنين معًا.
و إنَّ اللذينَ يحكمون البلاد يعيشون في محمية في المنطقة الخضراء، داخل سياجٍ محصَّنٍ في بغداد، و يتوافر لديهم السلاح و المال و جميع الموارد التي لا يمتلكها المواطن العراقي.
و المستغرب أنَّ مَن أوصَلَنا إلى هذا الواقع المأساوي يطالب بالإستمرار في السلطة و يدِّعي الإصلاحَ و الصلاحَ.

و نحن نقيم عامَ 2021، عامَ الدَّمارِ و الإنهيارِ، عامَ الانتخاباتِ و الإضطراباتِ، عام الفاسدين و المتخلِّفين، لا يفوتنا أن نمُرَّ على الإحصائيات كما رصدها خبراء مجلس الخبراء العراقي..
فقد حدث أكثر من:

1- 12600 حادثٍ مروريٍّ توفي فيها 3120 شخصًا.

2- 689 قتلى بسبب العنف، واعتقال 23 من الناشطين و الصحفيين.
3- 1124 شكوى بلا تحقيق حول تعذيب و سوء معاملة في السجون.
4- 7345عدد شكاوى العنف الأسري بلغت.
5- 5908 مفقود (تراكمي منذ 2014 بلا تحقيق و مساءلة و تعويض).
6- 187 و إصابة 192 في احتراق مستشفى ابن الخطيب في بغداد، و مستشفى الحسين في الناصرية.
7- 5.2 مليون يتيم (5% من أيتام العالم).
8 – 1.25 مليون عمالة اطفال.

9 – 4 مليون وحدة سكنية يحتاج إلعراق.
10- 4875 مجمَّع عشوائي (يسكنها) أكثر من نصف مليون أسرة.
11- 1426 مدرسة طينية ونقص في المدارس بلغ 12250، أما نسب الإلتحاق بها فبلغت:
الابتدائية: 83%،
المتوسطة: 32%،
الثانوية: 16%،
الجامعات 13%،
(نسبة التسرب 78%).

ربنا هب لنا من لدنك رحمة و قوة..
و اجعل العراقيين في ثورتهم أخوة..

البروفسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *